قبل الخوض في غمار هذه الدراسة الموجزة للكتاب لا بد من الإشارة إلى أن فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني قد تناول كتاب "الترغيب والترهيب" بدراسة مفصلة شاملة، أوضح فيها منهج المنذري في كتابه، وناقشه في اصطلاحه وكشف عن تساهل الحافظ المنذري في التصحيح، وأبان عن كثرة الأوهام والأخطاء في الكتاب، وصنفها إلى أنواع عديدة، وضرب أمثلة لكل نوع، وقد استفاد فائدة كبيرة في التنبيه على الكثير من تلك الأوهام من الكتاب موضوع البحث، وقد صرح بذلك في مقدمة صحيح الترغيب والترهيب (١).
وقد سبق إيراد بعض كلامه في المقدمة (٢).
وتلك الدراسة التي قدمها الألباني لكتاب الترغيب والترهيب لها أهميتها وخطرها وقيمتها؛ لأنها جاءت بعد استقراء تام للكتاب، واستعراض شامل، حيث ميز صحيحه من سقيمه، وحسنه من ضعيفه حسب ما يراه، وقد استغرق منه هذا العمل نحو ربع قرن من الزمان (٣).
وقد استفدتُ مما كتبه الشيخ الألباني في هذه الدراسة الموجزة لكتاب الترغيب والترهيب، وأضفتُ أشياء لم يتعرض لها.
وبعد هذا، آن لنا أن نشرع في الدراسة العامة للكتاب.
أولًا: الباعث على تأليفه:
لقد أوضح الحافظ المنذري الباعث له على تأليف كتاب الترغيب والترهيب فقال في مقدمته:
"لما وفقني الله ﷾ لإملاء كتاب مختصر أبي داود، ولإملاء كتاب الخلافيات ومذاهب السلف وذلك من فضل الله علينا، وسعة منه، سألني بعض الطلبة أولي الهمم العالية ممن اتصف بالزهد في الدنيا
_________
(١) صحيح الترغيب ١/ ٦٤ - ٦٨.
(٢) انظر ص: ٧.
(٣) مقدمة صحيح الترغيب ١/ ٦٤ - ٦٥.
1 / 25