الخمر(1): أول من استخرج الخمر جمشيد الملك؛ فإنه توجه مرة إلى الصيد فرأى في بعض الجبال كرمة وعليها عنب فظنها من السموم فأمر بحملها حتى يجربها ويطعم العنب لمن يستحق القتل، فحملوها فتكسرت حباتها فعصروها وجعلوا ماءها في ظرف. فما عاد الملك إلى قصره إلا وقد تخمر العصير، فأحضر رجلا وجب عليه القتل فسقاه من ذلك فشربه بكره ومشقة، فنام نومة ثقيلة، ثم انتبه فقال: اسقوني منه، فسقوه أيضا مرارا، ولم يحدث فيه إلا السرور والطرب، فسقوا غيره وغيره، فذكروا أنهم انبسطوا بعدما شربوا ووجدوا سرورا وطربا فشرب الملك وأعجبه ثم أمر بغرسه في سائر البلاد.
وقيل إن ملك السريان وهو أحد الأخوين اللذين اشتركا في الملك رأى يوما طائرا وقد قصدت حية فراخه فرمى الملك الحية بسهم فقتلها. فغاب الطائر وأتى بثلاث حبات عنب في منقاره ورجليه ورماها بين يدي الملك، فعلم الملك أنها مكافأة له على ما فعله فزرعها فعلقت وأينعت وأثمرت، فلم يجسر الملك على استعماله خوفا من أن يكون قاتلا أو مضرا فعصره وأودعه في الآنية فغلى وقذف بالزبد وفاحت رائحته، فتعجب الملك لذلك فسقى منه شخصا وجب عليه القتل فطرب ورقص وأظهر سرورا، ثم انتبه وذكر ما حدث له من السرور والطرب، فسر به الملك وأمر بغرسه في البلاد .
صفحہ 37