مي زيادة
عائشة تيمور «شاعرة الطليعة».
مقدمة
الشاعرة عائشة عصمت تيمور هي بنت إسماعيل باشا تيمور. ولدت سنة 1840م بمدينة القاهرة. بدأت حياتها تميل إلى تعلم القراءة والكتابة، وقد آنس منها والدها هذا الميل، فأحضر لها اثنين من الأساتذة؛ أحدهما يعلمها الخط والقرآن والفقه، والآخر يعلمها الصرف والنحو واللغة الفارسية. وبعد ما أتمت حفظ القرآن الكريم تاقت نفسها إلى مطالعة الكتب الأدبية، وفي مقدمتها الدواوين الشعرية، حتى تربت عندها ملكة الأدب. تزوجت من السيد توفيق زاده، وكان ذلك في سنة 1854م وعمرها أربعة عشر عاما، فتفرغت للشئون الزوجية، ثم تاقت نفسها إلى الأدب والعلم، فاستحضرت سيدتين لهما إلمام بالنحو والصرف والعروض، فأخذت عنهما حتى برعت وأتقنت نظم الشعر.
تعلمت اللغة التركية، التي أخذتها عن والدتها ووالدها، ووضعت في الشعر ثلاثة دواوين باللغات العربية والتركية والفارسية، وألفت في النثر كتابين هما: «نتائج الأحوال» و«مرآة التأمل في الأمر» وستقرأ عن هذين الكتابين للآنسة مي في هذا الكتاب. توفيت السيدة عائشة تيمور في 2 أيار السنة 1902 وهي في سن الثانية والستين.
الفصل الأول
البارق في الظلام
دعتني جمعية «مصر الفتاة» دعوة كريمة إلى إلقاء محاضرة على أعضائها في الجامعة المصرية. فوعدت. وخطر لي أن خير موضوع أتخذه هو شخصية نسائية غنية ندرسها معا. فتعرض لنا في سياق البحث موضوعات جمة في الأخلاق والأدب والاجتماع نمحصها قدر المستطاع، بينا نحن نرسم من المرأة صورة شيقة. فنسجل للحركة النسائية في هذه البلاد مفخرة أخرى تثير فينا الرغبات، ونستمد من وحيها المثل والمعونة والفائدة جميعا.
وما خطر لي ذلك إلا وصحبه اسم شجي يحيا دواما بزفراته الحارة المنغومة. زفرات تناقلتها الأصداء يوم لم يكن للمرأة صوت يسمع، فرسمت من الذاتية خطا جميلا حين كانت صورة المرأة سديما محجوبا وراء جدران المنازل وتكتم الاستئثار.
برغم ذلك أنشأت أنقب في تاريخ المرأة المصرية. وكنت كلما دققت نمت «التيمورية» في ذهني وتفردت صورتها أمامي؛ إذ لم يقم على مقربة منها صورة تسابقها أو تشبهها ولو شبها بعيدا. ونظرت إلي بعينيها المجهولتين المرمدتين باثة حسرتها، باكية شجوها، مهمهمة لي في خلوتي أبياتا كثر أمثالها في ديوانها «حلية الطراز»؛ حيث تقول:
نامعلوم صفحہ