وتحيرنا طويلا بين الإيمان بالرجل وغرابة نبوءته، حتى قلت ضاحكة: قد تجلس إحدانا ثم تخلفها الأخرى.
ولم ترتح تي إلى ما يشير إليه قولي من معنى، فقالت بحزم: لننس هذه النبوءة وندع المصير للآلهة!
وصممنا على نسيانها، ولكنها كانت تلوح في أفق الخيال بين الحين والحين، حتى جاءت الحوادث ففجرتها تفجيرا. وسمعت عن إخناتون أول ما سمعت عن طريق أبي بعد أن اختير معلما له. كان ينوه في مجالسنا العائلية بعقله ونضجه المبكر. ومرة قال عنه: يا له من شخص مثير، إنه ينتقد الآلهة والكهنة، ولم يعد يؤمن إلا بآتون! وبخلاف أمي وأختي وجدت صدى لما يقول في نفسي؛ إذ كنت أعشق آتون أيضا، وأعجب بمجاله الشامل للسماء والأرض على حين تقبع الآلهة في ظلام المعابد؛ لذلك قلت ببراءة: معه الحق كل الحق يا أبي.
فأسخط قولي أمي وأختي، أما أبي فقال باسما: نحن نعدك لتكوني زوجة لا كاهنة.
لكنني خلقت لأكون كاهنة مع حبي للأمومة والمجد الدنيوي! ولما نقل إلينا أبي أول نبأ عن الإله الجديد، الواحد الذي لا إله غيره، زلزلنا بعنف، وثارت العواطف لأقصى حد، وتعرض ولي العهد لقارص الكلمات. وسألته أمي: ما رأي الملك والملكة؟
فقال آي واجما: ثمة أزمة في القصر لم يشهد لها مثيلا من قبل.
وقالت أمي بإشفاق: أخشى أن يوجه إليك لوم بوصفك معلمه.
فقال بأسى: لكنهما أدرى بابنهما، وبأنه لا ينساق وراء أحد مهما جل شأنه.
فقالت موت نجمت: إنه مجنون، وسيفقد عرشه، أليس للعرش وريث آخر؟
فقال أبي: ليس له سوى أخت كبرى عليلة ...
نامعلوم صفحہ