فقلت بحرارة: بعض الشر لا يصلحه إلا السيف!
فقال ساخرا: هكذا يؤكدون ويكررون من قبل أن يوحد مينا القطرين، فهل محقوا الشر؟!
فأخذته نشوة مباغتة فهتف: متى يرى البشر المشرق والمغرب في دفقة نور واحدة؟!
انحدرنا من سيئ إلى أسوأ، وتكشف الرجال عن أشباح خاوية، وجرفتهم رياح الخريف أوراقا صفراء جافة لا إيمان لها ولا وفاء، واعتصموا بالكذب لآخر لحظة، فقرروا التخلي عنه باسم الدفاع عن حياته. وما أدري إلا وحور محب يصدر لي أمرا بمغادرة المدينة على رأس جنودي. ولم يكن في مقدوري مناقشته، وحتى توديع مولاي لم يسمح لي به. وذهبت إلى طيبة وبي غصة ندم لم تفارقني حتى اليوم. وسرحت فيمن سرح من جنوده المخلصين، فرجعت إلى قريتي كاسف البال إلى الأبد. وترامت إلينا نتف من أنباء مولاي السجين في قصره، ثم أعلن خبر وفاته مريضا فلم يداخلني شك في اغتياله. كيف تلاشى الحلم الجميل بهذه السرعة؟! كيف تخلى عنه الإله بعد أن سكب في أذنيه صوته المقدس الواعد؟ وكيف وكيف أيتها الدنيا التي لا معنى لك؟!
وسكت وهو من الحزن في غاية، فاحترمت سكوته هنيهة، ثم سألته: ترى ما تصورك العام عنه؟
فأجاب في حيرة: إنه روح العذوبة والصفاء، ولكني لا أستطيع أن أقول عنه أكثر مما تقول الوقائع التي سردت ... - ونفرتيتي؟ - إنها الجمال والجلال.
فقلت بعد تردد: ما أكثر ما يقال عنها!
فقال بوضوح: أقول لك كرئيس للشرطة إنني لم أسجل عنها حركة سوء واحدة، رغم أنني قرأت في أعين حور محب وناخت وماي نظرات جشعة مضخمة بأخبث الشهوات، وعلى مدى علمي أنها لم تشجع أحدا على تجاوز حدوده ... - لم انفصلت عنه في رأيك؟
فأجاب في حيرة: إنه لغز لم أستطع حله إلى الآن! - يخيل إلي أنك كفرت بإله مولاك؟
فأجاب بعبوس: لم أعد أومن بإله!
نامعلوم صفحہ