فمن استعمل هذه الاثنا عشرة ووزن بميزانها سلم من الطغيان والخسران وأداه إلى حقيقة الدين والإيمان. وأما أصول الديانات فهناك الداء العياء، والداء العضال، إذ لا يسع أحد خلاف دين الله الذي شرع، وحكمه الذي صدع، ونوره الذي سطع. فها هنا تورط الخلايق وتغشمروا (¬1) وتقحموا وتهوروا وتغشموا. وعول على ما استحسن واستسلف. فجرى الخلف على منهاج السلف فكل قد ركب أشقر صدف في سنن التلف. وأقربهم قربى من تتبع الشبه واتخذه إماما لنفسه، وزماما لعيسه، ولا يدرون إن العلم حياة القلوب، وغذاء الأرواح، والحي يحتاج إلى غذاء ودواء؛ أن صح تغذى، وإن مرض تداوي ولا ينفع المريض الغذاء، ولا الصحيح الدواء. فالغذاء هو العلم النافع / المعقول، والدواء هو الشرع الناقع (¬2) المنقول. ومن استعمل كلا في موضعه أحكم أمره وقل خطره. فذلك هو الطبيب الحاذق والعالم الصادق. ومن خلط الأصول بالفصول، والفصول بالأصول، وهو حال الأكثرين ، انتكس وارتكس.
فلما ابتلي الجمهور بهذه الأمور اختلفت الأغراض والمطالب، وكثرت الآراء والمذاهب، فاقتصروا على رأيهم في مناظراتهم، وعرجوا على اعتقاداتهم في محاوراتهم. فجدوا في محاولاتهم وكدوا في مجاولاتهم، وفرحو بما عندهم من العلم، { وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } . فهنالك ذهبوا شذر مذر (¬3) ، وتفرقوا شغر بغر (¬4) . فبعض ذهب به تلفيق الآباء وتقليد الأسلاف كل مذهب فهؤلاء أصحاب الحديث. وبعض قد استولى عليهم العمى
صفحہ 7