قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين؟ نبؤني بعلم إن كنتم صادقين ومن الإبل انثين ومن البقر انثنين، قل: آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين، أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا .. } (¬1) فها هنا حاجهم الله تعالى وطالبهم بالعلة التي حرموا بها بعض الأنعام فقال: { الذكرين حرم أم الأنثيين ... } لأجل ذكوريتهما أم لأجل أنوثيتهما أم لأجل اشتمال الرحم عليهما؟ فقال: أنبئوني بعلم عقلي مبني على علة صحيحة، فسألهم علما فقال: { إن كنتم صادقي } .
{ ومن الأبل انثنين ومن البقر اثنين .. / .. } فقال: { آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين } فطالبهم أيضا بالعلة، فقال لهم: فإذا لم يكن بهذا علم عقلي، فأنبهم فقال أو { وصاكم اله بهذا } فإن قلتم لا مجال للعقل ها هنا فقالوا إذا شرع شرعه الله عز وجل ووصانا به. فإن قلتموه، فمتى وصاكم الله عز وجل بهذا؟! فانظر كيف عقب بالوعيد والتهديد لهذا الإلحاد العظيم والجحود فقال: { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين } (¬2) فكل من انتحل علما وانتحله دينا لا شرعا ولا عقلا فهو من الظالمين.
وجه احتجاج الخليل صلوات الله عليه بالميزان العقلي:
قال الله تعالى حكاية عن خليله إبراهيم في مناظرته الذي كفر بالله فقال: { ألم تر إلى الذي حاج/ إبراهيم في ربه .. } (¬3) والمحاجة بين اثنين لغة. والهاء تصلح لإبراهيم والكافر في { أن آتاه الله الملك } (¬4) والهاء أيضا من ربه كذلك. ثم قال إبراهيم: { ربي الذي يحي ويميت } (¬5) .
وها هنا ثلاث مقدمات: الواحدة أن إبراهيم أثبت نفسه عبدا مربوبا ، فسلم ذلك له الكافر.
والثانية: أن لا بد للمربوب من رب. فسلم الكافر ..
صفحہ 27