وقال بعضهم: إن الحق في جميعهم ولا إثم إلا لمن كتم أو خالف معتقده. وذلك أن الله كلف أهل النظر في الحادثة أن ينظروا ويجتهدوا، فنظر كل واحد منهم فأصاب وجها يخالف فيه صاحبه فهو فرضه الذي افترض الله عليه، فلو كتم ذلك الوجه الذي رآه وأصابه لكان مأثوما ولو كان ذلك الوجه خطأ عند الله تعالى. فلما كان لا يكون إلا مأثوما بكتمانه وبترك الاجتهاد والنظر، أو بتبديل ما رأى بخلافه، صح أن ذلك الوجه الذي أصابه هو الحق عند الله تعالى ولم يؤثمه الله تعىل بنشر ما رأى بل يؤجره عليه ولو كان ما كان فإذا يإجره عليه فهو الحق عنده ولو خالف إلى غيره ما رآه وصادف وأصاب وجه الحق عند الله أليس هو مأثوما، فكذلك إذا/ أنشر ما رأى كان موجرا عند الله. وهل يصح أن يكون مأثوما بترك شيء، ويكون غير مأجور بفعله، وأن يكون مأثوما بنشر شيء ولا يكون مأجور بتركه، ولن يأمره الله بفعل شيء ثم يفعله فيحرمه الثواب. بهذا الدليل استدل من قال إن الحق في جميعهم وأنه مأجور في إصابته الحق وفي إصابته الخطأ ومأثوما في خلاف ذلك. وأخرى، إن الله تعالى خير العباد في كفارات فما آتوه منها فهو الحق عند الله ولو كان متضادا؛ كالتأجيل والتعجيل والإطعام والصيام والمن والفداء. والمجتهدون كالمتخيرين، فكل ما رأوا وافتوا (¬1) به مما أداهم إليه اجتهادهم فهو الحق عند الله تعالى. قال الله تعالى: { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه
صفحہ 266