اللسان اللغة والنحو ، وأصول الجنان المنطق والفقه ، وهذه الأربعة الأصول لا غنى لسبيل الهداية عنها ، إذ باللغة يكون البيان ، وبالنحو يكون التبيان ، والمنطق تظهر (¬1) حجج البرهان ، وبأصول الفقه تظهر معاني القرآن فنسبة صناعة المنطق إلى العقل في المعقولات كنسبة صناعة النحو إلى اللسان في المقولات ، وإنما المرء بأصغريه فؤاده ولسانه ، قال القائل (¬2) :
... لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... ولم يبق إلا صورة اللحم والدم
فإذا كانت الحاجة ماسة إلى هذه المعاني الأربعة ، لا سيما لمن يتعاطى طريق الهدى طريقا، واتخذه إماما رفيقا ، وجعله أليفا صديقا (وسلك مجدا) (¬3) حقيقا ، فرأينا أصولي اللسان ؛ اللغة والنحو قد لحبت (¬4) سبيلها / واستقامت أصولهما فرأينهما كالمجمتع عليهام ، وقد تصدى لهما أقوام فألقوا فيهما ما فيه الكفاية لمن أراد الله إرشاده وهداه ، فكفينا المئونه فيهما . وإن كان المنطق بمثابتهما في اتساق مباينة وصحة معانيه ، لكنه عوص المسلك على الأقوام ،سريع الدثور على الأفهام . فلذلك غامت فنونه وانطمست عيونه ، واندمجت قوانينه ، وتعطلت براهينه ، فالتحق بالأولين في البيان وقصر عن التبيان.
... فأما معرفة الفقه وأصوله فإنها غير مضبوطة بكثرة الاختلاف في فصولها ، وقلة الاتفاق على أصولها ، وكثرة التنازع في محصولها ، لأنها بنيت على أمارة وإشارة. وبراهينها مقصورة على تلويحات وتنبيهات ولم تكن براهينها عقليات مطردات منعكسا بحججها ، غير مقطوع بها ولا متفق / عليها فلذلك أردنا أن نشير إلى الطريقة الوسطى منها، ونستعمل الجواد ، ونطرح الشواذ ، ونسلك مسلكا قصدا بين الغلو والتقصير
صفحہ 2