50

عذراء قریش

عذراء قريش

اصناف

قال محمد: «ما أغنى عنك معاوية وفلان وفلان!»

فقال عثمان: «يا ابن أخي، فما كان أبوك ليقبض عليها» أي على لحيته، فقال محمد: «لو رأى أبي أعمالك لأنكرها عليك، والذي أريد بك أشد من قبضتي عليها.»

فقال: «أستنصر الله عليك وأستعين به.»

فلما رأت أسماء ما دار بينهما خافت أن يفتك محمد بالخليفة فيحيق به العار، فدنت منه ووقفت بحيث يراها وأشارت إليه أن يكف عما هو فيه وأن يتبعها، فلما رآها محمد ترك لحية عثمان وخرج ليعلم منها ما تريد، فانتحت به جانبا وقالت: «من أين دخلت الدار؟»

قال: «دخلت من دار بني حزم.» قالت: «وأنت أيضا على عثمان؟! إنه بريء مما يفترون.» ثم سمعت صياح نائلة، فأسرعت إليها فإذا هي قد حلت شعرها ونشرته، وعثمان يقول لها: «خذي خمارك، فلعمري لدخولهم علي أعظم من حرمة شعرك!»

ثم رأت رجلا ممن دخلوا مع محمد بن أبي بكر هم بعثمان وبيده حديدة ضربه بها على رأسه فسال دمه على المصحف، وتبعه آخر ليضربه بالسيف فأكبت نائلة عليه والتقت السيف بيدها فقطع أصابعها، فثارت الحمية في رأس أسماء فاستلت خنجرها تريد قتل الرجل فأمسكها محمد، ولم تمض لحظات حتى قتل عثمان وفر قاتلوه.

فلما رأته نائلة مجندلا حملت يدها والدم يسيل منها وخرجت تبكي وتنادي الحسن والحسين، فدخلا فرأيا عثمان مذبوحا يتخبط في دمائه فصاحا: «كيف يقتل عثمان ونحن في داره؟! وبماذا نجيب أبانا إذا سألنا في ذلك؟»

أما أسماء فأجهشت بالبكاء، وجعلت تنظر يمنة ويسرة لعلها ترى القاتل فتنتقم منه فإذا هو قد فر. وتهافت الناس على بيت عثمان ينهبون ويسلبون، وعلت الضوضاء واختلط الحابل بالنابل. •••

أما محمد فهم بأسماء وأخذ بيدها وقال لها: «اتبعيني»، فتبعته حتى خرج بها من الدار وهي تود البقاء لترى ما حال نائلة ولكنها أطاعته طوعا لقلبها، على أنها ما لبثت أن جذبت يدها من يده وقالت: «إلى أين نحن ذاهبان يا محمد؟»

قال: «هل ترين لك مأربا في دار عثمان بعد؟ لقد نصحت لك بأن تخرجي منها منذ أيام فلم تذعني حتى رأيته يقتل أمامك، وهذا ما كنت أخشاه عليك.» قالت: «إنكم ظلمتموه يا محمد، ولو استطعت إنقاذه من أيديكم لفعلت. تبا لمروان، إنه أصل هذا البلاء!» قالت ذلك واغرورقت عيناها بالدموع، فقال محمد: «دعينا من ذلك، لقد قتل عثمان ولم يعد بقاؤك في داره مستطاعا والناس قد دخلوها ينهبون، فأفصحي الآن إن الوقت ضيق والأمر جلل ولا أستطيع البقاء معك إلا قليلا.»

نامعلوم صفحہ