كان أبو بكر نموذج الاقتداء في صدر الإسلام غير مدافع.
وكان عمر في تلك الفترة نموذج الاجتهاد دون مراء.
وكلاهما كان يحب النبي ويطيعه ويحرص على سنته ويعجب به غاية ما في وسعه من إعجاب.
ولكنهما في ذلك طريقان يتوازيان، وإن كانا لا يتناقضان ولا يتحدان.
وإن بينهما في ذلك لفرقا لطيف المأخذ، عسير التمييز، نحاول الإيضاح عنه جاهدين، ونرجو أن نبرزه بأوفى ما يستطاع له من إبراز، ونحسب أننا موفقون حين نقول: إن تقديم وصف على موصوف يكفي في الإبانة عن هذا الفرق الدقيق الذي لا ينفسح حتى يتسع لأكثر من هذا التفريق.
فأبو بكر كان يعجب بمحمد النبي.
وعمر كان يعجب بالنبي محمد.
ونزيد القول إيضاحا فنقول: إن حب أبي بكر لشخص محمد هو الذي هداه إلى الإيمان بنبوته وتصديق وحيه.
وإن اقتناع عمر بنبوة محمد هو الذي هداه إلى حبه والولاء له والحرص على سنته، وعلى رضاه.
ولهذا كان أبو بكر صاحبا آمن بصاحبه الذي يطمئن إليه ويحمد خصاله، وكان عمر عدوا رده الاقتناع إلى مودة الرجل الذي كان ينكره ويعاديه.
نامعلوم صفحہ