65

وقد رأينا نصيب خالد من وقاية الإسلام في أرضه، وهو أوفى نصيب ... وسنرى نصيبه من مراس الخطر الآخر وما هو بأكبر الخطرين، ولكن نصيب خالد في مراسه كان أوفى النصيبين.

الفصل السابع

الفتوح

في سبع سنين قصار فتح العرب كل ما اقتحموه من بلاد الفرس والروم ...

فتقوضت في الشرق دولة الأكاسرة، وتداعت في الشمال والغرب دولة القياصرة، وزال سلطانها من الشام وفلسطين ومصر وإفريقية الشمالية، وشغلت بنفسها زمانا عن الفاتحين وما فتحوه.

عجيبة من أعظم عجائب التاريخ ...

لا يبرح المؤرخون حتى أيامنا هذه يأتون في تعليلها كل يوم بعلل جديدة، ويفيضون في شرح السوابق واللواحق على النحو الذي يفسر العجب بالمألوف، ويرد الدهشة الجامحة إلى قرار البحث والتدليل.

وهو جهد لا نعرض له في هذا الكتاب، ولا يلزمنا هنا أن نستقصيه ونحاول البت فيه.

إنما يعنينا منه شيء واحد هو تقدير عمل خالد، وتقدير الكفاية التي تضطلع بذلك العمل، وليس تقدير ذلك بعسير ولو بقي التاريخ متشعب اللسان في استقصاء علل الهزائم التي نزلت بالفرس والروم.

فالأسباب التي قضت على الفرس والروم بالهزيمة - كائنة ما كانت - ليست هي الأسباب التي قضت للعرب بقيام دولة وانتشار عقيدة؛ لأن استحقاق أناس للزوال لا ينشئ لغيرهم حق الظهور والبقاء.

نامعلوم صفحہ