قال الأمير عبد الله: «إني أرى الفقيه متسرعا، وأوافقك يا سعيد على التأني وطول الأناة؛ ولذلك فأنا مرجئ هذا الأمر إلى فرصة أخرى؛ لأني لا أزال أرى أن أمير المؤمنين سينصرني ويقف في طريق أخي، فيرده عن هذا التعدي، فإذا لم يفعل ذلك فالأيام بيننا.»
فقطع سعيد كلامه قائلا: «نعم الرأي رأيك، وربما أدرك أمير المؤمنين عند اطلاعه على عمل ولي العهد أنه أساء الاختيار فيما عهده إليه، فيرجع إلى الصواب وينقل ولاية العهد إليك.»
فازداد الأمير عبد الله تمسكا برأيه، فقال: «فإذن نؤجل ذلك إلى فرصة أخرى، ونبحث الآن في طلب أخي.»
فقالت عابدة: «مهما يكن من رأي الأمير في طلب أخيه فأنا خارجة بأمره من هذا القصر.» قالت ذلك ونهضت وهي تجمع خمارها إلى صدرها، وقد ألقت العود من يدها.
فأمسك الأمير عبد الله بطرف ثوبها وأجلسها وقال لها: «كيف تخرجين؟»
قالت عابدة: «أخرج بأمر مولاي لأني أصبحت سببا في النزاع مع أخيه و... و...»
فقطع الأمير عبد الله كلامها قائلا: «لقد أمرتك بألا تخرجي، وقد قلت لك إنه لن ينال قلامة من ظفرك، وها أنا سأكتب إليه رد رسالته الساعة.» والتفت إلى سعيد كأنه يستشيره فيما يكتب.
فقال سعيد: «اكتب إليه بما أرى ولا تشدد الوطأة، فإن الحكمة تقتضي حسن الأسلوب لئلا تتغير القلوب، وإذا سمحت لي أن أكتب عنك كتبت، فإذا استحسنت ما أكتبه وقعت عليه وإلا رفضته.»
قال الأمير عبد الله: «اكتب.»
وكانت الدواة والقرطاس لا يزالان هناك، فتناول سعيد القلم وكتب:
نامعلوم صفحہ