عبد الرحمن الكواكبي
عبد الرحمن الكواكبي
اصناف
كانت مدينة حلب قبل مولده بسنوات جزءا من العالم العربي الذي كان يجمع الشام وفلسطين وطرفا من العراق والجزيرة العربية في نطاق واحد، وظلت كذلك بضع سنوات حتى أعيدت إلى الدولة العثمانية في سنة 1840 بعد تدخل الدول الأوروبية في حروب إبراهيم باشا والسلطان عبد المجيد.
وكانت فتنة الأرمن ومحنة لبنان وغارات الحدود بين العرب والترك في العراق شغلا شاغلا لأبناء حلب على الخصوص؛ لأنها المدينة التي يصيبها كل عطل ويرتد إليها كل اضطراب.
وكانت مسائل الامتيازات الأجنبية تثار كل يوم في أوروبة وفي الشرق العثماني، مع ما يتبعها من مسائل التشريع والإدارة التي تفرق بين الطوائف والأجناس في كل بقعة من بقاع الدولة التركية.
وكانت هذه الدولة تتقدم خطوة وتنكص على أعقابها خطوتين في طريق الحكم النيابي والإدارة العصرية واستبدال النظم الحديثة بالتقاليد البالية التي جمدت عليها منذ قرون.
وكانت قناة السويس تفتح، ومراكز الشركات تتحول من حلب شيئا فشيئا إلى القارة الأوروبية أو إلى شواطئ الهند وإيران وموانئ البحرين الأحمر والأبيض على طول الطريق.
كان كل عامل من عوامل الحياة الاجتماعية في حلب يتحرك ويتنبه ويبلغ به الانتباه حد الحساسية؛ بل حد الإفراط في الحساسية حين نشأ الكواكبي في هذه الحقبة المتوفزة، ووكل إليه القدر أن يكون لها لسان حال، فاستجاب لها في بيئته من حيث يستجيب أمثاله من الرجال.
الفصل الثاني
العصر
كيف نشأ الكواكبي في هذا العصر؟
كيف لم ينشأ الكواكبي في هذا العصر؟
نامعلوم صفحہ