1
وهل تلك الجارية أحسن من قرنفلة أو سوسنة؟» وضحك.
فعل ذلك في أول حكمه، ولما أمر وزيره يحيى بن خالد أن يدفع هذا المال اعتذر عن دفعه، فغضب أمير المؤمنين، فأراد يحيى أن يبين ما يحتمله بيت المال في هذا السبيل، فجعل المال دراهم فبلغت 1500000 درهم، فعرضها في الرواق الذي يمر به الخليفة حينما يريد الوضوء، فلما رأى ذلك المال استكثره وعلم أنه إسراف.»
فقال فنحاس: «فإذا لم يشأ مولانا ولي العهد أن يدفع كما دفع أبوه، فليدفع كما دفع وزير أبيه.»
فعلم الفضل أنه يشير إلى جعفر البرمكي عدوه، فتذكر ما بينهما من المنافسة، ولكنه تجاهل، ولم يبد في وجهه تأثر وقال: «ما الذي دفعه؟»
قال: «ألم يدفع ثمن الجارية 40000 دينار؟
2
وهل يليق بولي العهد أن يدفع أقل من ذلك؟ وعلى كل حال إني مرسل الجواري إلى قصر ولي العهد والذي يدفعه مقبول.»
فاستاء الفضل من هذه المساومة، وشق عليه أن يجعل الأمين أقل سخاء من عدوه، والناس يومئذ يكتسبون الأحزاب السياسية بالسخاء. وكان فنحاس يعلم تلك المنافسة؛ إذ كان مطلعا على أسرار الجميع، ولم يقل ما قاله إلا وهو يعلم أن الفضل لا يراجعه حفظا لكرامة مولاه الأمين؛ لعلمه أنه يرى من حسن السياسة أن يحفظ منزلته بين رجال دولته حتى لا يجدوا عليه ما يصغره في أعينهم، وخاصة في تلك الحال، فنجح فنحاس في خطته؛ لأن الفضل أراد أن يظهر فضل الأمين فقال: «لو كان جواريك هؤلاء من طبقة الجارية التي ابتاعها الوزير لحق لك هذا الطلب، ومع ذلك فإنني سأجعل ثمن الجواري الثلاث معا 100000 دينار.»
فقال فنحاس وهو يظهر الزهد في الكسب: «كل ما يدفعه مولانا كرم منه؛ فإننا وما نملك من بعض صنائعه.»
نامعلوم صفحہ