فزاد الحارس تظاهرها بالسذاجة اعتقادا بصدقها، ولكنه تذكر تشديد الرشيد عليه، فخاف أن يخرجها ويتحمل تبعة ذلك، فقال لها: «هذا لا يهمني؛ فإني مأمور بمنع أهل هذا القصر من الخروج، والسلام.» وأراد إقفال الخوخة، فأمسكتها عتبة منه وحاولت فتحها وهي تقول: «وإذا أخبرتك بسبب مجيئي، فهل تطلق سراحي؟»
قال الحارس: «وما هو؟ قولي.»
فقالت عتبة وهي تخفض صوتها: «أظنك تعلم أن أبا العتاهية، أن أبا العتاهية أبطل نظم الشعر.»
قال الحارس: «نعم، أعلم ذلك.»
فقالت عتبة: «وأظنك تعلم أنه يحب المال.»
قال الحارس: «إنه مشهور بذلك.»
فقالت عتبة: «فإذا أراد المال نظم القصائد سرا لبعض الأمراء، فنظم أمس قصيدة في مدح العباسة وبعثها معي، فحملتها إليها مساء أمس، فدفعت إلي الجائزة وأكرمتني بالمبيت هنا. ليتها لم تفعل.» وهزت رأسها.
فقال الحارس: «وما هي تلك الجائزة؟»
فتظاهرت عتبة بالخوف من التصريح وتوقفت عن الجواب، فابتدرها الحارس قائلا: «لم لا تقولين؟»
فقالت عتبة بلهجة الخائف المستعطف: «بلى.» ومدت يدها إلى جيبها فأخرجت العقد، فأبرق بين أناملها كالشمس، فمد الحارس يده ليتناوله، فأسرعت في إرجاعه إلى جيبها، فقال لها الحارس: «أريني إياه.»
نامعلوم صفحہ