فقال بلهجة الجد ما معناه: «اطمئني على كل حال، ولكن هذا المرض جديد علي، لم أتول علاج مثله من قبل، ولست أعرف أخصائيا لهذه الحالة المعينة سوى رجل واحد يجب أن تبعثوا إليه وتستقدموه.»
فدهشت الأم وقالت: «مرض لا تعرفه أنت؟»
قال مبتسما: «أعرفه ولكني لا أعالجه ... علاجه عند غيري.»
فسألته: «ما هذا المرض؟ ما اسمه؟»
قال: «أما المرض فأعراضه كثيرة: اضطراب. خفقان. حالات متناقضة من النشوة والكآبة، والسرور والحزن، تارة يكون المريض أصح من مصارع، وطورا يكون كالذي أجريت له عملية جراحية تركته أصفر باهتا وضعيفا متهافتا كالورقة المبلولة، حالاته وأطواره عجيبة وشرحها يطول، وأما اسمه فلا أعرفه بالعربية ولكنه بالفرنسية «مال دامور»، عجلي باستشارة هذا الرجل وثقي به واطمئني إلى النتيجة.»
وخرج ومعه زكريا وقال له في السيارة: «يا صاحبي هذه أول مرة أرتكب فيها هذه الخديعة ولا أدري كيف أطعتك، ولولا أني أعرفكم من زمان طويل وأعدكم كأبنائي لما كان ممكنا أن أجاريك في هذا العبث ... والآن أرجو أن يكون هذا آخر عهدي بهذا الموضوع، وإن كنت أحب أن أطمئن على النتيجة.»
وبينما كان زكريا في طريقه إلى حمادة ليجيء بهذا الأخصائي في مرض «المال دامور» كانت الأم تحاول أن تتذكر هذا الاسم الغريب الذي لم تسمع به قبل اليوم، ولما كانت لا تعرف لغة أجنبية فإن لها العذر إذا كان الاسم قد طار وأعياها أن تقتنصه.
وجاء الطبيب الأخصائي مع زكريا، ودخلا على الأخت التي كانت تنتفض من الاضطراب والفرح والخوف، وبعد قليل تركهما زكريا ورجع إلى أمه.
وما لبث الأخصائي أن خرج فتقدم إلى الأم وأنبأها أن الحالة ميسورة العلاج جدا، ولكنها تحتاج إلى وقت وراحة تامة ...
فسألته: «لقد كان في نيتنا السفر غدا.»
نامعلوم صفحہ