الباب السابع والمائة: في القول في أطفال المشركين
تكلم الناس في أطفال المشركين إذا ماتوا في حال صغرهم قال بعضهم: في الجنة، وقال بعضهم هم في النار، وقال بعضهم: هم خدام أهل الجنة، وقال بعضهم: بخلاف ذلك، وقد جاءت في ذلك آثار مختلفة. فأما من قال بأنهم في الجنة فذهب إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه)). وأما من قال بأنهم في النار فذهب إلى ما روي عن خديجة: ((أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أولادها الذين ماتوا في الجاهلية من زوج لها قبل النبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: إن شئت أريتك تقلبهم في النار، وإن شئت أسمعك نعاءهم في النار ولأن الله تعالى قال: {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا} فإنهم حين ولدوا كانوا كفارا)) وعن عائشة رضي الله تعالى عنها ((أنها مرت بجنازة صبي طفل فقالت: طوبى له ، عصفور من عصافير الجنة، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : ((ما تدرين لو كبر ماذا يكون منه)) وأما من قال: إنهم خدام أهل الجنة فاحتج بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أتدرون من اللاهون من أمتي؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: أطفال المشركين لم يذنبوا فيعذبوا ولم يعملوا حسنة فيثابوا فهم خدم أهل الجنة)) فلما اختلفت فيهم الأخبار والآثار فالسكوت عنهم أفضل، فنقول الله ورسوله أعلم بأمرهم. وروي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه سئل عن أطفال المشركين فقال: لا علم لي بهم. وسئل محمد بن الحسن عن أطفال المشركين فقال: أنا أقف عند الأطفال إلا أني أعلم أن الله تعالى لا يعذب أحدا إلا بالذنب، والله تعالى أعلم.
الباب الثامن والمائة: في ذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: روي في الأخبار أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم كانوا مائة ألف وأربعة وعشرين ألفا، ثلثمائة وثلاثة عشر منهم مرسل وباقيهم لم يكونوا مرسلين، هكذا روى أبو ذر الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه يوم بدر: ((أنتم على عدد المرسلين وعلى عدد أصحاب طالوت حين جاوزوا النهر)) يعني ثلثمائة وثلاثة عشر ومن لم يكن من الأنبياء مرسلا، وكان بعضهم يوحى إليه في المنام وكان بعضهم يسمع الصوت من غير أن يرى شخصا، فأول المرسلين كان آدم صلى الله عليه وسلم وكان رسولا إلى أولاده خلقه الله من تراب وخلق زوجته حواء من ضلعه اليسرى، وقد ولدت منه حواء أربعين ولدا في عشرين بطنا من ذكر وأنثى وتوالدوا حتى كثروا كما قال الله تعالى: {خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء} وكانت كنية آدم في الجنة أبا محمد لأن محمدا صلى الله عليه وسلم كان أكرم ولده وكان يكنى به، وكنيته في الأرض أبا البشر، وأنزل الله تعالى إليه تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وعاش تسعمائة وثلاثين سنة. هكذا ذكر أهل التوراة.
صفحہ 383