وروى أبو عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((أفضلكم من تعلم القرآن ثم علمه)) وقال أبو عبد الرحمن فهذا الحديث أجلسني هذا المجلس، وكان يعلم الناس، وكان معلم الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما. وروى الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: ((اللهم اغفر للمعلمين وأطل أعمارهم وبارك لهم في كسبهم ومعاشهم)) وعن أنس بن مالك في خبر آخر أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم أغن العلماء وأفقر المعلمين)).
(قال الفقيه) والذي قال بارك لهم في كسبهم: يعني قوت يوم بيوم، والذي قال أفقرهم: يعني لا تكثر أموالهم، لأنه لو كثرت أموالهم لتركوا التعليم.
(قال الفقيه) إذا أراد المعلم أن ينال الثواب ويكون عمله عمل الأنبياء فعليه أن يحفظ خمسة أشياء: أحدها أن لا يشارط على الأجرة ولا يستقصي بها، فكل من أعطاه شيئا أخذه ومن لم يعطه شيئا تركه، وإن شارط على تعليم الهجاء والكتابة وحفظ الصبيان جاز. والثاني أن يكون أبدا على الوضوء لأنه يمس المصحف في كل وقت وفي كل ساعة. والثالث أن يكون ناصحا في تعليمه مقبلا على أمره. والرابع أن يعدل بين الصبيان إذا تنازعوا وينصف بعضهم من بعض، ولا يميل إلى أولاد الأغنياء دون أولاد الفقراء. والخامس أن لا يضرب الصبيان ضربا مبرحا أي موجعا ولا يجاوز الحد فإنه يحاسب به يوم القيامة. وروي عن حبيب بن أبي ثابت قال: المعلمون ولدوا بنجم الملوك يحاسبون كما يحاسب الملوك. وروي عن بعض المتقدمين أن ابنه أتاه يبكي فقال ما بالك؟ قال ضربي المعلم، قال: حدثني عكرمة عن ابن عباس أنه قال: معلم صبيانكم شراركم عند الله أقلكم رحمة لليتيم وغلظة على المساكين. وروى بعض الصحابة أنه قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: معلم كتاب يكلف اليتيم ما لا يطيق من الأجور، ورجل يجلس عند السلطان يتكلم بهواه، ورجل يسأل الناس وهو مستغن عن السؤال. وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: ما من رجل يحفظ القرآن إلا كان حقه في بيت المال كل سنة مائتي دينار أو ألفي درهم إن حرمه في الدنيا لم يحرمه في الآخرة، وإن حفظ نصف القرآن فمائة دينار أو ألف درهم يؤاخذ به الوالي على بيت المال يوم القيامة، فإن كان له حسنات أخذت من حسناته وإن لم تكن له حسنات أخذ من أوزار هذا العبد، فحمل على الوالي.
الباب الثاني والخمسون بعد المائة: في قلة الأكل
صفحہ 417