أما على طريق المنطق فمن هذه الأشياء قد يجد الإنسان السبيل إلى التصديق بما قلناه. وأما على جهة التحليل، بالعكس، فبهذه الأشياء يتبين بإيجاز من القول إنه لا إلى فوق ولا إلى أسفل يمكن أن تكون المحمولة بلا نهاية فى العلوم البرهانية التى عليها هذا البحث. وذلك أن البرهان إنما هو جميع الأشياء الموجودة بذاتها للأمور. والأشياء الموجودة بذاتها هى على ضربين: وذلك أن جميع الأشياء التى توجد فى تلك من طريق ما الشىء، وجميع الأشياء التى هذه هى موجودة فيها من طريق ماهو: مثال ذلك أن الفرد موجود فى العدد، والعدد مأخوذ فى قوله. وأيضا فالكثرة من قبل أنه متصل، هو مأخوذ فى قول الحدود. ولا واحد من هذين الجنسين يمكن أن يكون بلا نهاية، لا كالفرد للعدد. وذلك أنه قد يوجد للفرد شىء آخر هو موجود فيه إذا وجد. وهذا إن كان موجودا فقد يكون أولا العدد موجودا فى الأشياء التى توجد فيه. فإن كان لا يمكن أن توجد أمثال هذه بلا نهاية للواحد، فإنه لا يمكن أيضا أن تكون بلا نهاية إلى فوق، لكن قد يجب ضرورة أن تكون بأجمعها للأول (مثل العدد، وأن يكون الأول موجودا لتلك)، فإذا إنما يؤخذ أنها تنعكس فترجع، لا أنها تمعن وتمتد إلى فوق. وأيضا ولا جميع التى هى موجودة فى الشىء من طريق ماهو، فإنه ولا هذه أيضا تمر بلا نهاية، وذلك أنه لما كان لوجود التحديد سبيل. فإن كانت الأشياء المحمولة كلها تقال بذاتها، وهذه ليست بلا نهاية، فقد تنقطع وتقف الأشياء التى إلى فوق. فإذا والأشياء التى إلى أسفل.
وإن كان هذا هكذا فالأشياء التى هى بين حدين هى أيضا دائما متناهية. وإن كان هذا، فمن البين أنه قد يلزم أن يكون البرهان 〈من〉 مبادئ وأنه ليس لكل شىء برهان، وهو ما قلناه فى أول الأمر إن قوما يقولون. وذلك أنه إن كان قد توجد مبادئ فليس كل شىء هو مبرهنا، ولا أيضا يمكن أن يمعن إلى ما لا نهاية. فإن وجود أحد هذين، أيهما اتفق، ليس هو شيئا آخرغير أنه ليس ولا بعد واحد ليس له وسط ولا منقسم، بل كلها منقسمة. وذلك أنه إنما يتبين ما يتبين بأن يدخل الحد ويوضع داخلا، لا بأن يزيد ويقتضب.
صفحہ 380