فللموت ما تلد الوالدة # والوالدة إنما تطلب الولد ليعيش لا ليموت، لكن لما كان مصيره إلى الموت جاز أن يقال: للموت ولدته، ومثله في القرآن: {وإذا قرات القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا * وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا}، وذلك لأنهم كانوا عند تلاوة القرآن قد حجبوا قلوبهم عن فهمه، وصدقوا بأسماعهم عن تدبره، فجاز أن يقال على المجاز والاستعارة: إن الذي تلا ذلك عليهم جعلهم كذلك، والدليل على ما قلنا، وأن حقيقة الأمر أنهم هم الفاعلون دون غيرهم، قول الله، - عز وجل - في موضع آخر: {وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا}؛ ومثل الأول قوله: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} لأنه لما غفل عن الذكر كان بمنزلة من غفل عن الكلام فجاز، أن يقال الذي أذكره إنه إغفل قلبه، كما جاز أن يقال الذي يسأل ذلك فيبخل عليه [قد] بخله.
صفحہ 116