ومنها ما هو عام للسان العرب وغيرهم؛ ومنها ما هو خاص له دون غيره، ويجمع ذلك في الأصل: الخبر والطلب، والخبر: كل قول أفدت به مستمعه ما لم يكن عنده، كقولك: قام زيد، فقد أفدته العلم بقيامه: ومن الخبر ما يبتدئ المخبر به فيخص باسم الخبر، ومنه ما يأتي [به] بعد سؤال فيسمى جوابا، كقولك في جواب من سألك: ما رأيك في كذا؟ فنقول: رأيي كذلك، وهذا يجوز أن يكون [ابتداء منك فيكون] خبرا، فما أتى بعد سؤال كان جوابا كما قلنا. والطلب. كل ما طلبته من غيرك؛ ومنه الاستفهام، والنداء، والدعاء: والتمني، لأن ذلك كله طلب. فإنك إنما تطلب # من الله - عز وجل - بدعائك ومسألتك، وتطلب من المنادي الإقبال إليك أو عليك، وتطلب من المستفهم [منه] بذل الفائدة لك.
ومن الاستفهام ما يكون سؤالا عما لا تعمله لتعلمه، فيخص باسم الاستفهام؛ ومنه ما يكون ظاهره الاستفهام ومعناه التوبيخ كقوله تعالى: {ألم ياتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا} ومن السؤال ما هو محصور، ومنه ما هو مفوض، فالمحصور ما حصرت فيه على المجيب أن يجيب إلا ببعض السؤال، كقولك: ألحما أكلت أم خبزا؟ فقد حصرت عليه أن يجيبك إلا بأحدهما؛ والمفوض كقولك: ما أكلت؟ فله أن يقول ما شاء من المأكولات لأنك قد فوضت الجواب إليه.
وليس في فنون القول ما يقع به الصدق والكذب غير الخبر والجواب، إلا أن الصدق والكذب يستعملان في الخبر، ويستعمل مكانهما في الجواب الخطأ والصواب، والمعنى واحد وإن فرق في اللفظ بينهما، وكذلك يستعمل في الاعتقاد في موضع الصدق والكذب الحق والباطل والمعنى قريب من قريب.
صفحہ 94