والمعقول من الموجودات التي لا تحس لا يحد، لأن الحد مأخوذ من الأصل والفصل كما قلنا، والأشياء المعقولة التي لا تقع تحت الحس ليست لها مادة تكون أصلا لها، ولا تنفصل أيضا عن غيرها من المعقولات انفصالا طبيعيا فيستعمل ذلك في حدها فإنما تعرف بأسمائها، وتوصف بأوصاف غير محيطة بحدودها فيقال [في] الجوهر: إنه الذي يحمل # المتضادات في أنواعه من غير تبدل يلحقه في ذاته، ويقال في البارئ - عز وجل - إنه القديم الذي هو علة لمصنوعاته وأشباه هذا، ألا ترى أن موسى - عليه السلام - لما سأله فرعون: {وما رب العالمين * قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين} ولما قال: {فمن ربكما يا موسى * قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} فوصفه بأفعاله ولم يحده لامتناع الحد في ذاته.
والأشياء التي يقع الوصف بها تسعة أشياء: وهي أعراض كلها، منها الحال كقولك: زيد ظريف، ومنها العدد كقولنا: المال درهمان، ومنها المكان كقولنا: زيد خلفك، ومنها الزمان كقولك: جاءني زيد أمس، ومنها الإضافة كقولنا: هذا ابن زيد، ومنها القنية كقولنا: هذا مالك وغلامك ومنها النصبة كقولنا: زيد مضطجح وقاعد، ومنها الفاعل كقولنا: زيد يضرب ومنها المنفعل كقولنا: زيد مضروب، ولا يكون وصف بغير هذه الوجوه التسعة. والحال قد تكون لازمة، فتسمى هيئة كبياض القطن وسواد الفحم، وتكون غير لازمة فتختص باسم العرض كصفرة الوجل، وحمرة الخجل.
صفحہ 73