274

برہان فی علوم القرآن

البرهان في علوم القرآن

ایڈیٹر

محمد أبو الفضل إبراهيم

ناشر

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

ایڈیشن

الأولى

اشاعت کا سال

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

وفي كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد عن أَبِي وَائِلٍ قِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ إِنَّ فُلَانًا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَنْكُوسًا فَقَالَ ذَاكَ مَنْكُوسُ الْقَلْبِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّوَرِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ فَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ تَوْقِيفٌ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَوْ من فعل الصحابة أو يُفَصَّلْ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ فِيمَا اعْتَمَدَهُ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُهُ مِنْ أَحَدِ قَوْلَيْهِ إِلَى الثَّانِي وَأَنَّهُ ﷺ فَوَّضَ ذَلِكَ إِلَى أُمَّتِهِ بَعْدَهُ
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى الْأَوَّلِ وَالْخِلَافُ يَرْجِعُ إِلَى اللَّفْظِ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِالثَّانِي يَقُولُ: إِنَّهُ رَمَزَ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ لِعِلْمِهِمْ بِأَسْبَابِ نُزُولِهِ وَمَوَاقِعِ كَلِمَاتِهِ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ إِنَّمَا أَلَّفُوا الْقُرْآنَ عَلَى مَا كَانُوا يَسْمَعُونَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ مَعَ قَوْلِهِ بِأَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ اجْتِهَادٌ مِنْهُمْ فَآلَ الْخِلَافُ إِلَى أَنَّهُ هَلْ ذَلِكَ بِتَوْقِيفٍ قَوْلِيٍّ أَمْ بِمُجَرَّدِ اسْتِنَادٍ فِعْلِيٍّ وَبِحَيْثُ بَقِيَ لَهُمْ فِيهِ مَجَالٌ لِلنَّظَرِ فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا كَانُوا قَدْ سَمِعُوهُ مِنْهُ كَمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ تَرْتِيبُهُ فَفِي مَاذَا أَعْمَلُوا الْأَفْكَارَ وَأَيُّ مَجَالٍ بَقِيَ لَهُمْ بَعْدَ هَذَا الِاعْتِبَارِ قِيلَ قَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَقُلْتُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ فَمَضَى فَقُلْتُ يَرْكَعُ بِهَا ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ" الْحَدِيثَ فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ رُبَّمَا فَعَلَ هَذَا إِرَادَةً لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى الْأُمَّةِ وَتِبْيَانًا لِجَلِيلِ تِلْكَ النِّعْمَةِ كَانَ مَحَلًّا لِلتَّوَقُّفِ حَتَّى اسْتَقَرَّ النَّظَرُ عَلَى رَأْيِ مَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِ الْأَكْثَرُ فَهَذَا مَحَلُّ اجْتِهَادِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: مَالَ إِلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ السُّوَرِ كَانَ قَدْ عَلِمَ تَرْتِيبَهَا فِي حَيَاتِهِ ﷺ كَالسَّبْعِ الطِّوَالِ وَالْحَوَامِيمِ وَالْمُفَصَّلِ وَأَشَارُوا إِلَى أَنَّ مَا سِوَى ذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فَوَّضَ الْأَمْرَ فِيهِ إِلَى الْأُمَّةِ بَعْدَهُ

1 / 257