الرجلين وجنتي أحدهما وحسن الجنتين وما بينهما كفر صاحبهما واغترَاره وهما من بني إسرائيل ولهما قصة، وقد أفصحت هذه الآي منها باغترار أحدهما بما لديه وكونه إلى توهم البقاء وتعويل صاحبه على ما عند ربه ورجوعه إليه وانتهاء أمره بعد المحاورة الواقعة نمط الآيات بينهما إلى إزالة ما تخيل الفتون بقاءه ورجع ذلك كأنه لم يكن ولم يبق بيده إلا الندم، ولا صح له من جنتيه بعد عظيم تلك البهجة سوى التلاشى والعدم. وهذه حال من ركن إلى ما سوى المالك، وكل شىء إلا وجهه ﷾ فإنه فان وهالك، "إنما الحياة الدنيا لعب ولهو" "ففروا إلى الله ".
ثم أعقب ذلك بضرب مثل الحياة الدنيا لمن اعتبر واستبصر، وأعقب تلك
الآيات بقصة موسى والخضر ﵉ إلى تمامها وفي كل ذلك من تأديب بنى إسرائيل وتقريعهم وتوبيخ مرتكبهم في توقفهم عن الإيمان وتعنيفهم في توهمهم عند فتواهم لكفار قريش بسؤاله ﵇ عن القصص الثلاث، أن قد حازوا العلم وانفردوا بالوقوف على ما لا يعمله غيرهم، فجاء جواب قريش بما يرغم الجميع ويقطع دابرهم، وفي ذكر قصة موسى والخضر إشارة لهم لو عقلوا وتحريك لمن سبقت له منهم السعادة، وتنبيه لكل موفق في تسليم الإحاطة لمن هو العليم الخبير، وبعد تقريعهم وتوبيخهم بما أشير إليه عاد الكلام إلى بقية سؤالهم
فقال: "ويسألونك عن ذي القرنين " إلى آخر القصة (آية: ٨٣) وليس بسط
هذه القصص من مقصودنا وقد حصل ما أردناه ولم يبق إلا السؤال عن وجه
انفصال جوابهم ووقوعه في السورتين مع أن السؤال واحد وهذا ليس من شرطنا فلننسأه بحول الله إلى موضعه إن قدر به.
1 / 250