اسلام کے بانی: محمد اور ان کے خلفاء
بناة الإسلام: محمد وخلفاؤه
اصناف
إلى مكة المكرمة
قضيت في فندق جدة ليلة مريحة، بنومة هانئة لذيذة، حقا، إن الراحة لا تعرف إلا بعد العناء. فأسفار البحر - مهما تبلغ فيها حال غرف البواخر من الرفاهية - تجعل الجسم في حالة يحتاج فيها إلى راحة أكثر.
وما كاد الصبح يتنفس حتى كان جميع نزلاء الفندق أيقاظا، على استعداد لمواصلة السفر إلى مكة المكرمة، عظمها الله، وكانت معي أسرة مصرية كريمة سألتني مرافقتها في غضون السفر، فرأيت أن أنتهز هذه الفرصة، وأصحب هذه الأسرة، لا لأنها كانت في حاجة إلى خدمات قد أؤديها لها، ولكني أردت أن أدرس الحالة النفسية والروحية التي قد تبدو على أعضائها، وبخاصة لأنهم من طبقة قد عاشت على الرفاهية، وكان بينها سيدة، فضلا عن علمها وثقافتها، فقد ألفت الأسفار إلى ممالك أوروبا، وشاهدت في خلال سفرها أجمل مناظر الطبيعة التي وهبها الخالق لتلك النواحي من الأرض، وكذلك كان معنا شاب مثقف أحرز دكتوراه التجارة العليا من جامعة ليون. وسيكونون وهم مقبلون على مكة المكرمة في صحراء قاحلة جرداء، ليس فيها إلا رمال مترامية لا حد لها أمام العيون والأبصار، في حالة روحية أريد بها أن أعرف أحاسيس أمثال هؤلاء، وما تكون عليه نفوسهم وهم داخلون إلى مكة المكرمة.
ركبنا السيارة، بينا كنت أتلو بعض الآيات القرآنية الشريفة، وخير دعاء كان يتلوه الرسول، عليه أفضل الصلاة والسلام، ألا وهو:
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
كانت السيدة التي ذكرت، والشاب الذي وصفت، وهما يتطلعان إلى جو الصحراء ورمال الصحراء ونواحي الصحراء المترامية، كانا مأخوذين مبهوتين، وكانت الأدعية التي يتلوها الحجيج، والأناشيد التي ينشدونها مديحا في الرسول
صلى الله عليه وسلم
أو في فضيلة حج «بيت الله»؛ كانت هذه وتلك، وهي صادرة عن قلوب عشرات الألوف ما بين مترجل، وممتط دابة، وراكب سيارة، وهم زرافات زرافات؛ نقول كانت الأدعية والأناشيد، ثم زغاريد الفلاحات المتناهية في السذاجة والبساطة، مؤثرة في نفسي السيدة والشاب، زيادة إلى تأثرهما الروحي لشعورهما أنهما عن قريب يدخلان مكة. كانت تبدو على وجه السيدة بعض تشنجات عصبية، تفاعلت مع ملامحها فإذا بمآقيها تدران دمعا قطرات تلو قطرات، وكان الشاب كذلك يردد تكبير اسم الله: «الله أكبر! الله أكبر!» يقولها وأصابع يده تلعب، ولست أدري أكان يحصي بها التكبير، أم أنها حركة عصبية نشأت عن تأثره الروحي والنفسي، وأكبر ظني أن التعليل الثاني هو الأصوب. •••
بينا كان هذا الشعور الروحي العظيم يملك علينا أنفسنا جميعا، ويغمر قلوبنا، ويفيض على صدورنا، كانت الأصوات العالية؛ أصوات الحجيج، أمامنا وخلفنا وحوالينا، يمينا ويسارا، وهم في قوافل غفيرة، ترتفع بالتلبية، وبتكبير اسم الله الواحد المعبود . وكنا بين فترة وأخرى نسمع زغاريد الفلاحات، كما نسمع الأناشيد والأدعية الدينية، إلى جانب ما كنا نسمعه من التلبية والتكبير، كان شعور الجميع واحدا وإن تباين التعبير! كانوا كلهم متوجهين بقلوبهم وأرواحهم إلى الله جل وعز شأنه، كانوا جميعا يطلبون المغفرة، وينشدون التوبة:
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين .
نامعلوم صفحہ