قلت: قلت : فإذا اتضح لك هذا فاعلم أن الله -سبحانه وتعالى- أوحى إلى نبيه ومصطفاه ومرتضاه ومجتباه -صلى الله عليه وآله وسلم- بما نبهناك عليه في مقدمة هذا الكتاب (من افتراق الأمة)(1) وبما يؤول إليه أمر أمته بعده -صلى الله عليه وآله وسلم- في كل عصر إلى منقطع الأبد من الإختلاف بينهم وعدم الائتلاف، وما يكون من الحوادث والفتن في كل زمن، وبما يلقاه صفوة عترته وأهل بيته بعده -صلى الله عليه وآله وسلم- من المحن والشدة في كل زمن، وأن العاقبة لهم حتى يصير حكم مشارق الأرض ومغاربها في حكم مهديهم، وأنه وإن استؤثر عليهم وأزيحوا عن حقهم فلا بد من أن يكون فيهم أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون افترض على خلقه طاعتهم، ووصل حبله بحبلهم وإن منهم علماء مجتهدين، في كل زمن ظاهرين أو خافين معمودين، هم الحفظة لكتاب رب العالمين، ولشرائع سيد المرسلين، وبهم ينعقد إجماع العترة الطاهرين، وكل ما أفل منهم نجم طلع نجم مفترضة طاعتهم على من كان منهم أو من غيرهم من المسلمين، من تمسك بهم نجى عند الفتن التي هي كقطع الليل المظلم المدلهم، والنار المضطرم، ومن تخلف عنهم غرق في هذه الفتن وهوى إلى جهنم لا يموت فيها ولا يحيى، وغير هذا من أعلام الغيوب التي أسرها -سبحانه وتعالى- إلى حبيبه المحبوب، إذ علم الله -سبحانه وتعالى- سابق لجميع الموجودات، إذ ما من وقت إلا وعلمه -تقدس وتعالى- بالمحدثاث سابقا في الأزل قبل وجود الأشياء (بما يكون و)عالم بما كان(2)، وعالم بما لا يكون كيف يكون ومتى يكون، [25ب-أ] (وعالم بما يكون)(3) لو لم يكن كيف كان يكون، ولا يخفى عليه -سبحانه وتعالى- شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، وليس علمه هذا -سبحانه وتعالى- بموجب لشيء من الموجودات ولا مؤثر فيها أيضا أبدا وإنما يتعلق العلم بالمعلوم على ما هو به دون أن يؤثر فيه، ومحل تحقيق هذا أيضا علم الكلام ولا بد لهذا من زيادة ذكر في آخر الجزء الثاني -إن شاء الله تعالى.
قلت: قلت : فإذا تقررت عندك هذه الأصول التي ينبني عليها ما يأتي من المحصول، فاعلم أن الله -سبحانه وتعالى- لما أطلع نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- بما أطلعه عليه وأخبره بما أمره وأمر أمته من بعده -صلى الله عليه وآله وسلم- آيل إليه، وأخبره -سبحانه وتعالى- أيضا أنه وأمته إليه راجعون بقوله تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون}[ ] أمره تعالى بالوصية والاستخلاف وأنه قد يطلع(1) أمته على أشياء مما أطلعه عليها من الحوادث وما يكون بعده من الخلاف، وما النجاة من ذلك الأمر المخوف وإلى من يكون إليه المفزع وإليه في جميع أمورهم المرجع ونحو [27-ب] هذا مما لا ثمرة لتعداده في هذه الأوراق بل هو يفهم من أثناء الكلام في السياق، فامتثل -صلى الله عليه وآله وسلم- وبين وما كتم فجزاه الله أفضل ما جزى أحدا من ولد آدم ، وبلغه الدرجة الوسيلة في أعلى جنات النعم، وفاض إليه جميع الإحسان والكرم، وبعثه المقام المحمود، وأدخلنا في شفاعته في غد لدى الملك المعبود، إنه الغفور الكريم الرؤوف الرحيم فهو حسبي وكفى، ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير، وصلى الله على سيدنا محمد وآله عدد كل كبير وصغير.
قلت: قلت : واعلم أنه قد تعلق بهذه الجملة التي لا ينبغي أن تترك على التفضيل مهملة مقاصد وفروع وفصول وتنابيه وفوائد إيضاحها وبيانها مشروع فنقول وبالله الإستعانة عليها [26أ-أ]:
صفحہ 82