والمقصود من الكلمتين في هذا العلم هو الطرق والمناهج العقائدية سواء أكانت حقا أم باطلا.
وهناك اتصال وثيق بين علم الكلام وعلم الملل والنحل ، ووزان علم الملل والنحل بالنسبة إلى علم العقائد والكلام ، وزان تاريخ العلم بالنسبة إلى العلم نفسه ، نظير الفلسفة وتاريخها ، فالفلسفة تطرح الموضوعات الفلسفية على بساط البحث ، فتقيم برهانا على ما تتبناه بينما يشرح تاريخ الفلسفة المناهج الفكرية التي نجمت في فترات مختلفة ، من دون تركيز على رأي أو تبني عقيدة خاصة في كثير من الأحيان.
ومثله علم الكلام بالنسبة إلى الملل والنحل ، فالأول يبحث عن المسائل العقائدية التي ترجع إلى المبدأ والمعاد وما يلحقهما من المباحث ويوجه عنايته إلى إثبات فكرة خاصة في موضوع معين ونقد الآراء المضادة له ، ولكن الثاني يطرح المناهج الكلامية المؤسسة طيلة قرون من دون أن يتحيز إلى منهج دون منهج غالبا ، وهمه هو عرض هذه الأسس الفكرية على رواد الفكر والمعرفة.
وإن شئت قلت : إن علم الملل والنحل يتعرض للموضوعات الكلامية المبحوث عنها في علم الكلام ويشرحها ويعرض الآراء المختلفة حولها من دون القضاء بينها ، وإما علم الكلام فهو يتخذ موضوعات خاصة للبحث ويبدي المؤلف نظره الخاص فيها ويركز على رأيه بإقامة البرهان.
** 3 قيمة الكتب المؤلفة في هذا المضمار
لا شك أن للكتب المؤلفة في هذا المضمار ، مكانة في الأوساط العلمية وأن المؤلفين في الملل والنحل قد تحملوا جهودا كثيرة في الإحاطة بالمناهج الفكرية الرائجة في الملأ العلمي خصوصا الأوائل منهم ، غير أنه لا يمكن الاعتماد على هذه الكتب بصورة مطلقة ، وذلك لأنا نرى أنهم يذكرون فرقا للشيعة الإمامية لم يسمع الدهر بأسمائها كما لم يسمع بآراء أصحابها قط.
صفحہ 21