اِلسماوية السالفة للعلماء والمؤمنين بها من أتباع الرسل السابقين؛ قال تِعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾. (١)
ومن تمام منة الله على هذه الأمة أن جعل السنة النبوية مبينة للقرآن الكريم، مفصِلة لمجمل أحكامه شارحة لما يحتاج للشرح منه، وفي ذِلك يقول ﷿: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (٢) كما يقول سبحانه: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (٣) وهذا المعنى الذي ذكرته الآيتان هو ما نص عليه ﷺ في كثير من أحاديثه، منها قوله ﷺ: (ألا إنِّي أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته، يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ..) الحديث. (٤)
وجاء في حديث أبي رافع -وغيره- مرفوعًا: (لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته؛ يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه) (٥).
فالسنة النبوية قسم من أقسام الوحي الموحى به للنبي ﷺ ولا يجوز مخالفتها؛
_________
(١) سورة المائدة، الآية ٤٤.
(٢) سورة النحل، الآية ٤٤.
(٣) سورة النحل، الآية ٦٤.
(٤) الحديث رواه أبو داود في سننه عن القدام بن معد يكرب: كتاب السنة. باب لزوم السنة (٥/ ١٠ ح: ٤٦٠٤)، ورواه الإمام أحمد في مسنده بنحره (٤/ ١٣١). أما رواية الترمذي في آخره وهي: (وأن ما حرم رسول الله ﷺ -كما حرم الله) وعقب عليه بقوله: هذا حديث حسن غريب من هذا الرجه. (كتاب العلم. باب ما نهي عنه أين يقال عند حديث النبي ﷺ (٥/ ٣٨ ح: ٢٦٦٤).
(٥) الحديث رواه الترمذي في جامعه، وعقب عليه بقوله: (حديث حسن صحيح). كتاب العلم. باب ما نهى عنه أن يقال عند حديث رسول الله ﷺ، كما رواه ابن ماجة في سننه بنحوه، المقدمة. باب تعظيم حديث رسول الله ﷺ والتغليظ على من عارضه (١/ ٦)، وأحمد في مسنده ٤/ ١٣٢.
الدراسة / 8