بدور مدیا
البدور المضيئة
اصناف
وأما قوله تعالى: { والراسخون في العلم يقولون آمنا به} فالمختار عند أئمتنا عليهم السلام واختاره الزمخشري: أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله وهو على قراءة الوقف عليه، وقد أشار إلى المعنى الثاني وهو الوقف على الجلالة ثم الإبتداء وجعله مرجوحا رجوعا إلى قاعدة العدل والحكمة في أن الله لا يخاطب المكلفين بما لا يفهمون ، وكون قوله تعالى: {هن أم الكتاب} يعني يرد المتشابه إليها ، ومعنى الرد هو تأويلها بما يطابق معنى المحكم ومع صحة تأويلها، فحينئذ قد علموه .
وبقي الكلام فيما السؤال عنه وهو المعنى الذي يوافق قراءتي الوقفين معا ، قد سمعنا عن بعض مشائخنا كلاما فيه توفيق المعنيين بالقراءتين وهو أن الوقف على الجلالة لا يستلزم عدم الإرتباط بما بعدها وإرادة الفرق بين علم الله وعلم الراسخين في العلم لأن الأوقاف راجعة إلى التلاوة وهي سماعية حتي أنها تفصل برؤوس الآي والإرتباط حاصل كما في قوله تعالى:{رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع..... الخ}، فإنه مرفوع على أنه فاعل لما قبل الفاصلة ، وهاهنا يكون من باب العطف ، وجملة قوله تعالى:{يقولون آمنا به} حالية على هذا الوجه.
وفائدة الوقف الفرق بين العلمين ، ويؤيد هذا كون الوقفين متواترين توقيفين في الجملة، فيجوز القراءة بهما معا، ولا تنافي.
ووجه آخر وهو أن المعنى وما يعلم تأويله إلا الله أي تمام الحكمة في إنزاله والتكليف به، لأنه من تمام التأويل والراسخون في العلم يعلمون تأويله برده إلى المحكم وتأويله لما يطابقه ، فكأنه قال: وما يعلم تمام الحكمة في إنزاله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به ويردونه إلى المحكم كما أمروا.
صفحہ 79