لا ينهض الأدب العربي من كبوته هته إلا إذا نهض العالم الإسلامي(6) من غفلته وأرسل بعثات علمية إلى عواصم أوروبا من نخبة شبابه الزاهر لدراسة جميع اللغات الحية(كما فعلت مصر وسوريا وهما جزء من هيكله الضخم) فهذا يتخرج في الفرنسية مثلا وهذا في الإنكليزية وهذا في الألمانية وهذا في اليونانية وهكذا..إلخ فإذا رجعوا إلى أوطانهم بثوا آداب وعلوم تلك اللغات في قومهم بطريق التعليم والترجمة بشرط أن يغضوا أبصارهم عن عادات وأخلاق أساتذتهم ولا ينسوا ميزتهم الشرقية فلا تمضي مدة وجيزة حتى تنتشر بذور الحياة في أرضه أي الشرق الخصبة وتنبت نبتا حسنا يعسر على غيرهم غرسها في أمد طويل ومساع جسيمة.وهذا النبات لا يثمر إلا بالبحث عن أسرار نهوض الغرب ودراسة أدبه درسا عميقا لا مجرد اطلاع وتسلية وتعجب والوقوف بجانب شعرائه وبلغائه وعلمائه موقف تمحيص واستنتاج لا افتتان وعمى.ولكن أنى يكون ذلك وشبابنا أرشدهم الله وهم في وطنهم بجانب فقهائهم متفرنجون ملبسا ومطعما ومشربا ومجونا وإلحادا لا آدابا وعلما ونشاطا ويقظة واتحادا وقوة. وكان لغة غيرهم غاية يسعى لها ما وراءها غاية لا وسيلة من الوسائل التي توصلهم إلى سعادة دينهم ووطنهم وأمتهم بل أخاف أن كثيرا منهم بلقاء ربهم لكافرون وإن الوطن عندهم عبارة عن أرض فوقها سماء مباحة لجميع السالبين وإن أمتهم قطيع من الغنم ما خلقت إلا لفائدة الراعي وأنهم بين ظهرانيها:كالقاعد على الكرسي أمام قاعة المسرح يشاهد مأساة دراماطيقية هائلة تقشعر منها الجلود وتسحق الكبد سحقا بوقائع تجلت فيها مظاهر الجبروت ووحشية الإنسان ثم لا يلبث أن يدعك يديه ويهز رأسه ويفتح عينيه تعجبا ورضوخا لبراعة المثل وعبقرية المؤلف ... ... ! !
صفحہ 35