وذات يوم يحلل في كتاب يرسله إلى حماته مباركا لها بعيد ميلادها ومستعينا بالأسلوب البياتي ما يفصله عن الإيمان من تباين فيقول: «يا ليتني أستطيع بعون الله أن أدفع الغضب عن قلبي. ومهما يكن الأمر فالله هو الذي يستطيع بعنايته أن يجمع في شخصين وأن يقوي في نصيبه الأمين الذي يقضي على نصيب الشيطان، وليحدث هذا، وإلا ساءت الأمور عندي، ولا مراء في أن الله سيعين نصيبه حتى يظل سيد البيت، فلا يقدر صاحب النصيب الآخر على غير الظهور في سوى السرداب، وإن كان يبدو أحيانا كما لو كان سيدا في الحقيقة.»
والواقع أن ذلك الاتضاع هو أقصى ما يسمح به كبرياؤه، وإذا عدوت ذلك وجدته يتطلع إلى السلطة العليا من مسكنه، وتثور زوجته في أحد الأيام، فيقول لها: «لا تدعي ما يدعوك إلى الشك في أنني أحبك كجزء من نفسي، وأعتقد أنني كنت لا أنال رضا الرب لو لم أنلك، فأنت مرساتي في المكان الأمين من الميناء، فإذا كسرت هذه المرساة دعوت الله أن يرحم روحي.» فالسلام والإيمان، والزواج والدعاء، أمور بلغت من الاشتباك فيه ما يداوي معه بعضها ببعض من ناحية وصولا إلى ممارسة عواطفه كما يشاء من ناحية أخرى.
ولذوقه - أيضا - تأثير حاسم في بياتيته، وهو كما يقدر البياتية في النساء وحدهن يمقت ترتيل الكنائس البروتستانتية، وهو يقول: «أفضل عليه الموسيقى الجيدة التي يقوم بها في الكنيسة ناس عارفون أن يصلوا بها من أجلي، وأفضل عليه قداس مرلاخي الذي يرتله بين دخان الشمع وعثان
18
اللبان قسيسون لابسون ثيابا بيضا. وكان لبوشل جوقة من الصبيان، فكان هؤلاء يرتلون بغير أرغن مع خطأ ولكنة
19
برلينية.»
ولكن العالمين اللذين يود فصل أحدهما عن الآخر في الحين بعد الحين يريدان أن يمرجا،
20
فهنالك يقع في الوضع الغريب الذي يحاول الرجل أن يوازن به بين الطموح والواجب الحكومي والحب الزوجي، فهو قد دعي إلى مغدبرغ كمحلف، وهو قد دعاه الملك إلى الصيد معه في اليوم نفسه، وهو قد وعد زوجه بالذهاب إلى رينفيلد ليراها في ذلك النهار، وهو تجاه ذلك تتجاذبه العوامل بين القصد الحسن والعاطفة والمغالطة، فيخيل إلى المرء أنه يسمع برهنة مراهق، إذ يقول:
نامعلوم صفحہ