وقد قال بعد أمة:
7 «وهكذا أقضي بعض الوقت في مكتبي بين المعارك السياسية والخطط كفارس سان جان دوشيلر، وهكذا أقضي بعضه الآخر ممرضا فوق وسادتها، وهكذا أجد المقارنة طيبة لدي.» وهو يصبح عصبيا إذا مرضت الزوج والأولاد أو كادوا، وتقتصر نصرانيته حينئذ على الدعاء بأن يحفظ صحة الجميع وألا يموت أي واحد منهم، ويقول في كتاب إلى زوجته: «إنني أيتها الحبيبة قلق جدا في الأيام الأربعة؛ أي منذ إصابة ولدي بالحمى القرمزية، ولا يكون الأمر غير ذلك بعد كتابك الأخير، ولو كنت مريضة لوجدت من يتصدق علي بكلمة، فأنا لا أطيق هذا الهلع،
8
وقد مر بخاطري جميع الممكنات المخيفة في هذه الأيام القليلة.» ويموت ابن الظئر ببرلين فيرسل ثلاثة كتب إلى أهله مشيرا بالأسلوب الذي تنبأ به؛ لئلا يكون للصدمة التي تمنى بها أثر سيئ في الطفل الرضيع.
وينمو جبروته العاطفي بسرعة؛ فهو بعد أن ترك زوجه وحيدة عدة شهور منعها من النفاس عند والديها، «فوضعك في رينفيلد يعني: نصف طلاق، فلا أستطيع ولا أريد أن أبقى زمنا طويلا بغيرك، ولنا الكفاية من سابق فراقنا.» ويكتب متلهيا كلمة «كتابك الظريف الخفيف.» وهي تسأله مضطربة عن وجود كثير من كتبها لديه، وترسل كتابا إلى صديقة لها في الحين نفسه فيرجو منها «كتابة العنوان نثرا؛ فقد وضعت عنوانا جديدا كبير الحروف باسم صديقتك إليزابت، فأحبيها كما تودين باطنا، ولكن كوني فاترة المجاملة على الغلاف كما تقتضيه العادة.»
وهو وإن رغب أيام مجاملاتهما الأولى في تدريبها على ما لم يقرر العود إليه آنئذ من معاشرة الأكابر، تراه الآن راغبا عن إشراكها فيما عاد إليه من تلك المعاشرة هنالك، وقد كتب يقول لها: «لا جرم أن هذه الحوادث مما يهم والدك كثيرا، وأما أنت فلا تدركين من أمرها شيئا.» وعادت كتبه لا تعدو حد النجاوى، مازجا فيها الشئون السياسية الدولية بالأمور المنزلية مزجا عجيبا، «وإذا أخذ الولد يخسر صحته مع هذه المرضعة وجب عليك أن تصنعي كما تشيرين. وخطاب العرش خلو من الخلط الثوري، فلعل ذلك يقف عند ذلك الحد. ومن الطبيعي أن يبقى ما كان على ما كان ما أعرضت دولة النمسة والدول الأخرى عن معرفة شيء من تاريخ فرانكفورت. ولا أستطيع عد رغبتي، ولا معدل لي عن الإذعان، وكل شيء خلط ملط في حقيبة السفر، فاعفي عني، فسوف أعيد الأمر إلى محله يوم الأحد.»
ويقول في كل كتاب يرسله إنه سيعود إلى البيت بسرعة، وهو لا يعود إليه مع ذلك، وتلومه ذات يوم على تلهيه بين العشراء على حين تقضي وقتها عند والديها فيقول لها بكياسة: «علي أن أتغدى وأتعشى كل يوم، فأرجو أن تفعلي مثل ذلك حيث أنت هنالك.»
وهو سمح في حياته المنزلية على العموم، ولا يثور ذوقه وحس طبقته واتزانه في أموره البيتية إلا حين عرض هذه الأمور على الجمهور، ويولد ابنه البكر هربرت في السنة الثالثة من زواجه ويسيح الجميع معا.
ويعرب عما يساوره من كدر في كتاب فكه إلى أخته فيقول فيه: «والآن أصور نفسي مع الأولاد على رصيف محطة جنثين، ثم يقضي اثنان منهم ضرورتها في عربة القطار على غير استحياء فتفوح رائحة كريهة، ويبدي المسافرون الآخرون تقززا، وتخجل حنة من إعطاء ثديها للطفل، ويزعق الطفل حتى يزرق، ثم يزعق مع قردين زياطين
9
نامعلوم صفحہ