4
ونسج ذوات زخارف شرقية ومناظر عامة، ووجدت رياشا حريريا ذاويا زالت عادته، وأثاثا مضى ذوقه، ووجدت - على العموم - جهازا يوحي بيسر المالك العتيد أكثر مما يوحي به تراث أجداده التليد.
والزوجة هي أول شيء يبحث عنه سيد المنزل القديم، وقد كان هذا موضوع النقاش الدائم بكنيبهوف في سنوات أبيه الأخيرة، ومن هنالك ومن أوتو في رحلاته كانت ترفع إلى الوالد تقارير كثيرة مريبة حول الأمر، «وأعرف لويز (س) وهي تبدو باهرة الجمال أحيانا، وسوف تفقد نضارتها باكرا فتغدو حمراء الوجه، وقد عشقتها مدة أربع وعشرين ساعة، ومما يسرني أن تصبح زوجا لماير فتقيم بسيلوف»، ويفرز النساء في جزيرة نوردرني، فيميز الكونتس ريفنتلو «ذات الأسنان الرائعة واللون النحاسي، والتي ستصير يوما رئيسة جليلة لإحدى المبرات»، والسيدة فون ريتزنشتاين «التي تعد بنتها البالغ من الحسان فتكون زوجة رائعة العشرة في نزهة، وهي تتصف بالطول والنحول وحسن الفهم، وهي من بنات الموزيل، وهي حسنة الخلقة، وهي ليست بالفاترة ولا بالمرة.»
وكل نعت ينم على العارف بالنساء، فهو يفرز السيدات كتاجر الخيل، وهو يكترث لنسبهن أكثر مما لثرائهن؛ فما كان بسمارك ليتزوج من أجل المال، والآن يبدو الأمر جديا في شونهاوزن؛ فقد جاء في كتاب أرسله إلى أخته: «يجب أن أتزوج حقا، وليستحوذ علي الشيطان، وذلك أمر جلي لدي؛ وذلك لأنني أشعر منذ وفاة والدي بأنني وحيد متروك، ويجعلني الجو الرخو الرطيب سوداويا خموليا غراميا، وسيكون الحبوط نصيب كل مقاومة في ذلك، وسأتزوج ه. ا. في النهاية، وكل إنسان يتمنى لي ذلك ... أجل، إنها توحي إلي بالفتور، ولكن هذا هو شأن غيرها من النساء أيضا، والعفريت يعرف من أين يأتي ذلك، ولا معدل لي من الاعتراف بأنني لا أزال ذا هيام بزوج صانع العجل الخئون، ولي في ذلك تقدير لنفسي مع ما فيه من ضعف، ومن الجميل ألا يستطيع المرء تغيير حبه كتغيير قمصه، وإن ندر هذا العمل الأخير.»
وقد قضى عاما أو يزيد في بيئة البياتيين أيام تلك الاعترافات الصريحة «بأسلوبه الخاص» وذلك الغرام المذكور آنفا، وقد تعرف بحنة فون بوتكامر قبل موت أبيه بسنة واحدة في الحقيقة، فكان لديه قليل استعداد ليؤثر في طراز عيشه تأثيرا باطنيا إذن، بيد أن آل بلانكنبرغ ما فتئوا يفكرون في الزوجين اللذين لم يكن اجتماعهما في وليمة عرسهم وليد مصادفة، وهذا ما حفزهما إلى دعوة بسمارك وحنة إلى السياحة معهم في جبال الهارز صيفا، ومما لا مراء فيه أنهم لم يكونوا خالين من الرأي في إنقاذ روح أوتو بتزويجه تلك البنت التقية، ومن الرأي في مشاهدتها تتأهل بشريف ملحد، ومما لا ريب فيه أن بلانكنبرغ حدث صديقه عنها قبل أن يجتمع بها، «وهي ذكية إلى الغاية، وهي بارعة في الموسيقى، وهي عذبة موهوبة مبدعة خالصة التقوى، وهي ماهرة في رقصة الدوران مع روعة وبساطة بما لم تقع عيناي على مثله قط، فتعال وانظر! فإذا ما رغبت عنها اتخذتها مثل زوجة ثانية.»
وقد صيغ ذلك الوصف بدهاء مؤثر في بسمارك، وهو في الحقيقة عاطل من الإسراف في التعبير العاطفي الذي يتخذ في الكتابة عادة، ووصف ماري لها فيما كتبته أكثر تعظيما وأشد غرورا؛ فقد قالت: «إنها زهرة عطرة لم يطمثها
5
نسم سام ... ولا شيء أكثر روعة في مظهرها من عينيها وخصل شعرها الطويلة السود، هي تبدو نامية، هي تبدو صريحة القول، هي مليحة، هي مرحة مع كل إنسان، ذكرا كان أو أنثى، هي لا تفرق مثلنا بين المغري وغير المغري، وإن كانت تشعر بذلك، هي فتاة في أعماق نفسها، هي رائقة صافية كالسلسبيل.»
6
والذي يميز حنة من أصدقائها الأتقياء هو ما عليها من مناكدة تمت إلى السخرية بصلة، وهي تدنو بهذا من أصحاب الارتياب، وما كان ذكاؤها وحده ليستهويه بغير ابتكار وإطراب ورقص وحديث طليق مع هذا وذاك، وما كان إيمانها أو ذكاؤها هو الذي يحفزه إلى الزواج بها، بل نضار
نامعلوم صفحہ