بسمارك: حياة مكافح

کاڈل زوکایتار d. 1377 AH
135

بسمارك: حياة مكافح

بسمارك: حياة مكافح

اصناف

وما كان لبسمارك أن يحار من قول إحدى الصحف البرلينية عنه ما يأتي: «إنه بدأ مهنته كشريف ريفي ذي عرفان بسيط بالسياسة، فلم يرتق اطلاعه وتحصيله إلى ما فوق مستوى المتعلمين العام، ويصل إلى ذروة صيته البرلماني في السنتين 1849 و1850، ويبدي في خطبه من العنف وعدم الاكتراث ما يبلغ درجة الاستهتار ودرجة الغلظة، ولكن متى أبان رأيا سياسيا؟» أجل كان يصنع ذلك قليلا أمام أعين الناس، وقليلون أولئك الذين عرفوا ما فعل في سبيل السلم في السنوات العشر الأخيرة، وإذا كان بعيدا من الكهنوتية فيما يصنع كان ذلك مع الخفاء، ومن قول غوستاف فريتاغ في غرينز بوتن: «تكسر أمام صلابة المجلس شوكة من هو أعظم منه، ولتمض سنة لنرى أمر فون بسمارك.» ويدوم سلطانه ثمانيا وعشرين سنة!

ومن يراقب عمل بسمارك عن كثب في ذلك الحين يشك في عقله، ومن ذلك قول أحد موظفيه بعد بضعة أسابيع: «إن بسمارك مصاب بمرض عصبي شديد، فيلوح لي أحيانا أنه غير مسئول تماما، فهو إذا ما أصدر نصائح إلى الصحف مثلا تدفقت أفكاره بسرعة يتعذر تعقبه معها، والرأي العام بين الدبلميين ببرلين هو أنه لا يعيش طويلا لعدم مداراته نفسه.»

وبسمارك مع ذلك يبدأ بالسير البطيء الوئيد على طريقته العلمية ليتسنى له أن ينجز عمله مع الحذر بعد التحليل الوسيع والتجريب الرحيب، ويكتب إلى رون منذ وقت قليل، فيقول له: إنه إذا ما قبض على زمام السلطة قال الناس «ذلك شر منتظر!» ويعزم على تبديد آمال أعدائه في بداءة حافلة بالعنف والسخف، فلم ينشب بعد قبوله المنصب أن استرد ميزانية سنة 1863 مهادنا المجلس بذلك، مفاوضا شيوخ الأحرار ليعرض عليهم بعض الوزارات محيرا إياهم بأوضاعه أكثر مما باقتراحاته، وماذا يقول النائب تويستن لأصدقائه عن ذلك الرجل الذي كان أقرب إلى احتقاره مما إلى تهيبه في بدء الأمر فكلمه بإسهاب، ومع إخلاص ونقد، عن الملك الذي كان يفترض أنه نصيره الطائش؟ وما هو أمر أوتكر الديمقراطي الذي كان ينتظر في الزيارة الأولى أن يبصر شريفا لئيما ووجه صياد ولاعب، فلم ألبث أن غيرت رأيي عندما ظهر لي أنه لا أثر لذلك فيه. وإنما وجدت رجلا طويل النجاد، شديد الشكيمة، لين العريكة يقبل علي حتى الباب ويمسك يدي ويقدم إلي مقعدا، ويقول لي متبسما: «وأنت، أيضا لا حظوة لك عند الديمقراطيين! ثم يقول لي إن الزمن تغير منذ مقاومته لرجال المتاريس، فقد تعلم في فرانكفورت أمورا كثيرة.» ويحمل على جريدة كروززايتنغ بعبارات «لم يخرج من فم الزائر ما يعدلها أو ما يكتب مثلها.»

وهكذا يداري خصومه ببراعة بعد توقعهم منه غطرسة وتحفظا، وهكذا يستقبلهم بأدب جم وصفاء ظاهر، وما كان أوتكر موظفا صغيرا أو تاجرا حقيرا يشتغل بالسياسة في ناد بلدي، بل كان زعيما لأحد الأحزاب في هس، وكان محاميا كثير الثقافة، ويلاطف أوتكر بالطراز الذي استقبله به ذلك الرجل العظيم من الباب وتحيته له وتقديمه مقعدا إليه مع النظر إلى طبقة ذلك الشريف البروسي لا إلى كونه رئيسا للوزراء، والزهو كان مظهرا تقليديا للأشراف ببروسية في ذلك الزمن، وبسمارك، مع افتراض تقمص تلك المشاعر فيه، أخذ يسلك سلوكا طبيعيا وينتقد تطرف حزبه أمام خصومه، ولا يبدو بسمارك قاسيا لحمله لقب «صاحب الفخامة»، ولا متمذهبا كالشريف، ويبدي بسمارك نفسه رجلا بدعا

3

دنيويا محترما للعادات؛ أي غير موظف بروسي.

ولم يبلغ أحد من النظر الثاقب ما يلاحظ معه تجاريب تلك الأيام الأولى في الديوان بلوغ شلوزر الذي كان يدعوه بسمارك في الحين بعد الحين من ذلك الدور إلى تعاطي أقداح الراح معه، قال شلوزر: «يمثل بسمارك مهزأته كاملة، محاولا إلقاء الرعب في الملك وفي جميع الأحزاب. وبسمارك يتسلى بختل

4

كل إنسان، وبسمارك يسعى في حمل الملك على الإذعان في أمر مدة الخدمة العسكرية، وبسمارك يصف في المجلس الأعلى مشروعه الخاص الرجعي بألوان تبلغ من القتوم

5

نامعلوم صفحہ