اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وصفيك وأمينك وخيرتك من خلقك ، التي اخترت وأكرمت وعظمت وهديت وآثرت ، وجعلته عند غلبة أهل الباطل وتكبر كل جاهل ، وشمول الكفر والشرك ، وشدة العناد والمحك والتباس البهم ، وترادف الظلم ، وذيوع التظالم في جميع الأمم نورا من أفضل ما تقدمه من الأنوار وحاكما بين خلقك بأعدل معيار ، ومخبرا بوحيك إليه عن الأسرار ، ومذلا لكل عات جبار ، وموضعا للإنباء عنك ، والإخبار بالصدق عن الحق الغائب عن الحواس والأسماع والأبصار من الوعد والوعيد ، والجنة والنار ، هاديا من الضلالة ، معلما من الجهالة ، حبلك إلى النجاة المتين ، وعروتك الوثقى لمن تمسك بها من المتمسكين رحيما بالمساكين والمؤمنين ، شديدا على الكافرين والمنافقين ، عزيزا عليه عنت العانتين والعاندين ، فصدع بأمرك ، وبلغ رسالتك ، ودل على آياتك ، وأوضح إلى محبتك السبيل ، وأقام الحجة على من عصاك وبين لهم الدليل ، وغير شاك فيما به إليه أوحيت ، ولا مقصرا في شكر ما أعطيت ، ولا متحيرا فيما أعلمت ، ولا ساخط فيما به حكمت ، ولا تارك أحكام ما أحكمت وبه أمرت ، شاهرا فيك سيف عدلك ونقمتك ، باذلا نفسه عند غلظ محنتك ، واضبا قمع أهل الشرك والتكبر والإلحاد في عظمتك ، شاملا للمؤمنين المتقين ، برأفته ورحمته ، ناصحا جميع أقربائه وأمته عادلا في حكمه وقسمته ، وشبيه الشجرة الزيتونة التي وصفت وبها لذوي الألباب من خلقك مثلت ، ومن النوم والغفلة أنبهت ، فذكرت سبحانك نورها ، لا شرقية ولا غربية فيما أحكمت من تقديرها ، والكلمة الباقية منه في عقب إبراهيم لخلقك التي أكرمت ، وعظمت مصيرها وحسنت ، وأكملت تصويرها كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم فأعطه في عبادك أشرف الوسائل وخصه بأرفع الدرج وأعلى الفضائل وأنزله لديك أحب المنازل ، واجعل عاقبته أفضل عواقب جميع الخلق ،كما ابتدأته بالتوفيق منك للحق ، والقول عليك بالصدق ، واجعلني بوسيلته ورحمتك ، ممن يكون معه في المقام المحمود الذي وعدته ، وبه على جميع الخلائق قدمته وآثرته ، إنك تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد.
اللهم واجعلني له من المتبعين ، ولحذوه من الممتثلين ، ولطريقه من السالكين ولسنته من المقتدين ، ولعظمتك وجلالك ، وعز سلطانك من الأذلاء الخاشعين الباخعين الخاضعين ، ولحقك من العارفين ، وبوحدانيتك وتسبيحك عن الأشباه والأنداد من المقرين ، ولعظيم نعمك علي وغمر فضلك إياي ، وجميل بلائك لدي من الشاكرين ، إذ جعلته لي والدا وأبا ، وإلى كل شرف ورفعة وخير هاديا وسببا وجعلت عنصره لي عنصرا ونسبا ، وجعلتني به إليك متوسلا متقربا ، أدعوك حامدا لك رغبا ورهبا وأفزع إليك في كل ما كان بغية لي ومطلبا ، حتى تنشرني بعد فناء الأجسام والأعراض والأجساد ، وتحشرني إذا حشرت خلقك يوم التناد وقيام الأشهاد ، كل حزب مع حزبه ، وكل محب مع محبه ، وكل قرين مع قرينه ، وكل معان مع معينه ، في زمرته وأسرته ، ونجباء ذريته ، الذين أخلصوا لك الطاعة وله ، في مرافقة النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، والحمد لله رب العالمين.
صفحہ 6