وقد دل سبحانه بمحكم كتابه على حقيقة ماوصفت ، مع ماجاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنافقين في عصره ، مع شهادة الله ورسوله وجميع المؤمنين بأنهم كفار واسم الكفر لازم لهم مع اسم النفاق ، وذلك فترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إياهم مع نسائهم المؤمنات لم يفرق بينهم ، وبالصلاة عليهم بعد موتهم ودفنهم في مقابر المسلمين ، وأكل ذبائحهم واقامة حدود المسلمين عليهم ، وتركهم يحجون ويدخلون المسجد الحرام والبيت المقدس وجميع المساجد ، والذي وصفهم الله به في كتابه بقوله:?إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم? الى قوله :?فلن تجد له سبيلا? فقال جل ذكره : ليس هؤلاء الى المؤمنين المخلصين الطاعة لله ، ولا إلى الجاحدين الكافرين المخلصين الجحد لله ، ولكنهم مقصرون عاصون ، وهذه فصفة أكثر أهل زماننا في صلاتهم وزكاتهم وجميع أعمالهم ، مايؤدون من ذلك شيئا إلا بكسل وتقصير فيه وضجر به إذا أدوه ، وأكثر ذلك لايؤدونه والله المستعان.
ولو لم يكن المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسلمين لله عاصين ، لم تجب عليهم الزكاة في أموالهم ولاكلفوا الصدقة ، ولاكان لهم في الصدقات نصيب ، قال الله سبحانه لرئيسهم ومن معه منهم عبدالله بن أبي :?ياأيها الذين آمنوا لاتلهكم أموالكم ولاأولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون وأنفقوا مما رزقناكم? الآية وقال جل ذكره :?ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون? الى قوله :?إنا الى الله راغبون? فأعلم في الآيتين الأخيرتين أنهم ممن كانوا يأخذون الصدقات ويعطيهم الله ورسوله عليه السلام منها ، وكل ماتلوته ففي المنافقين <من> غير شك وهذا بين والحمد لله والله مشكور وبما هو أهله مذكور.
صفحہ 41