أول العبادة المعرفة بالله تعالى ، بأنه خالق لطيف رحيم رازق ، وأصل معرفتك بخالقك توحيده وتسبيحه وتبعيده عن أن يكون له شبيه أو ضد أو ند ، وتمام توحيده نفي الصفات والتشبيه لخلقه عنه ، لشهادة كل عقل سليم من الرين بما كسب، والإفك فيما يقول ويرتكب ، واتباع الأهواء والرؤساء أن كل صفة وموصوف مصنوع ، وشهادة كل مصنوع بأن له صانعا مؤلفا ، وشهادة كل مؤلف بأن مؤلفه لا يشبهه ، وشهادة كل صفة وموصوف مؤلف بالإفتراق والحدث وشهادة الحدث بالإمتناع من الأزل فلم يعرف الله سبحانه من وصف ذاته بغير ما وصف به نفسه ، ولا إياه عبد من شبهه بأفعاله ، ولا حقيقته أصاب من مثله باجعاله ولا صمده من أشار إليه ، إذ كل معروف بنفسه مصنوع ، وكل قائم في غيره معلول فبصنع الله وآياته يستدل عليه ،فيقال : إنه هو الأحد لا أن له ثانيا في الحساب والعدد ، وبالعقول السليمة يعرف ويعتقد أنه بارئ الأشياء وإليه تأله العقول وتصمد ، قال الله جل ذكره :?يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما? وبعجز كل شيء عن فعل مثله ، استيقن أهل العلم أن فاعلها ليس مثلها فقد جهل الله من استوصفه، وقد جعل له نهاية من شبهه ، ومن قال : كيف فقد مثله ، ومن قال: لم فقد أعله ، ومن قال: متى ؟ فقد وقته ، ومن قال : فيم؟ فقد ضمنه ، ومن قال: حتام ؟ فقد جعل له غاية ، ومن جعل له غاية فقد جزأه ، ومن جزأه فقد جهله وأشرك به ، وألحد في أسمائه ، فهو سبحانه أحد لا من طريق العدد متجل لخلقه لا باستهلال رؤية ، ظاهر لا بمشاهدة ، مباين لا بمزايلة ، قريب لا بمداناة لطيف لا بتجسم ، موجود لا بعد عدم ، فاعل لا بدواع للفعل ، مقدر لا بجول حركة ، مريد لا باضطراب ، مدبر لا بضميرفكر ، سميع بصير لا بأداة ، لم يكن له صاحبة ولا ولد ، ولا كان له كفؤا أحد ، كما وصف نفسه جل جلاله ?بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير? باختراعه الجواهر علم أن لا جوهر له ، وبمضادته بين الأشياء علم أن لا ضد له وبمقارنته بين المقترنات علم أن لا قرين له ، وفي مثل ذلك يقول تقدس ذكره :?ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون? ليس له شريك فيما فعل ، يمتاز فعله من فعله ويعرف جعله من جعله قال سبحانه :?ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله إذا لذهب كل اله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون? وقال عز وجل:?قل لو كان معه من آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا? فمن اتخذ إلها غيره من المشركين كان لهم في آلهتهم العجز والذلة لابستين ، وكانوا من مهانة من عبدوه غير الله تعالى على يقين ، وجميع صفاته لنفسه بما وصف ، فدلالة على أنه عالم مدرك لكل شيء عند من فهم عنه وعرف قال سبحانه زيادة في البيان وقطعا لحجج ذوي الضلال والطغيان:?أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون? فتبارك الله أحسن الخالقين المنعم الموفق للدين ، والواهب المعرفة به وحسن اليقين ، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على محمد وآله أجمعين وسلم.
صفحہ 4