باب في وصف الكفر من كتاب الله ومعانيه وأوصافه
اعلم هداك الله أن للكفر أوصافا ومعاني ، فالفسق والظلم والإجرام وغير ذلك من أسماء المعاصي من أوصاف الكفر ومعانيه وراجع إليه ؛ لأن ذلك أجمع من الكفر لنعم الله بركوب معاصيه.
فالفسق في لغة العرب : الخروج من الشيء ، قال الله جل ذكره: ?إلا ابليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه? أي خرج عن أمر ربه وتركه وعصى ربه.
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :(اقتلوا الفويسقة فإنها توهي السقاء وتضرم البيت على أهله) .
ومعنى قوله :(الفويسقة) تصغير: الفارة الفاسقة لأنها صغيرة ، وفسقها فكثرة خروجها من جحرها ورجوعها اليه ، وقد أعلم الله سبحانه أن الفاسق كافر في محكم كتابه ، فمن ذلك قوله في الأنعام :?والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون? والمكذب بآيات الله فكافر بإجماع.
وقوله جل ذكره يصف المنافقين: ?استغفر لهم أولاتستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة? الى قوله :?والله لايهدي القوم الفاسقين? .
وقوله سبحانه في سورة النور :?يعبدونني لايشركون بي شيئا? الى قوله :?فأولئك هم الفاسقون? فأعلم أن الكافر هو الفاسق.
وقال جل ذكره في سورة براءة :?إن المنافقين هم الفاسقون? والمنافقون كفار بإجماع وإن كانوا من أهل الملة.
ووصف الله ابليس بأشنع أسماء الكفر وصفاته فقال :?إلا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه? الآية .
وقال: ?سأوريكم دار الفاسقين? يعني جهنم ?وإن جهنم لمحيطة بالكافرين? فدل على أن الفاسقين هم الكافرون التي جهنم دارهم ومحيطة بهم.
فهذا بعض مادل جل ذكره به أن الظالمين كافرون قال في سورة البقرة :?ياأيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لابيع فيه ولاخلة ولاشفاعة والكافرون هم الظالمون? وهذه فمخاطبة لمن زعم أنه مؤمن في تركهم الإنفاق في سبيل الله وعصيانهم لله، ومخالفتهم أمره.
صفحہ 30