العبد - فيما أرى - هو كائن بشري يسرق أو يغتصب أو يشترى من غيره أو من نفسه بالمال، ويضطر لذلك إلى خدمة الآخذ أو الشاري حسب هواه مدى الحياة. وقد يباع مرة أخرى، أو يؤجر لغير سيده، ويضطر في هذه الحالة إلى خدمة مشتريه أو مستأجره، ولا يضطر إلى إطاعة سيده وحده، بل يضطر كذلك إلى إطاعة أوضع الخدام لديه، فيحضر متى استدعاه، وينصرف بأمره، ويقيم حيث يرتضي له الإقامة، ولو بعث به إلى أقصى أطراف الأرض وأوخم الأجواء، وعليه أن يلبس الملابس التي يختارها له سيده، ولا يلبس غيرها، ولو لم تكن من لباس العرف الشائع وكان الارتداء بها علامة من علامات العبودية، وعليه كذلك أن يتقبل الطعام الذي يفرضه له سيده، أو يتقبل القدر الذي يعطيه إياه من المال بديلا من الطعام والكساء. وينبغي ألا يفارق مكان الخدمة بغير إذن مولاه، وأن يخضع للجزاء الصارم عقابا له على أيسر الهفوات، وأن يساوم الضرب بالسياط، بل القتل، عقابا له على الإباق من الأسر أو على عصيان الأمر، أحسب أن كائنا بشريا كهذا إنما هو عبد في كل ما يراد من العبيد ويفرض عليهم.
إنجليزي :
أوافقك على تعريفك. إلا أنني على يقين، نعم على يقين، أنك لن تجد في إنجلترا أحدا بهذه الصفة.
أمريكي :
كلا، بل عدة ألوف إذا كنت قد أحسنت وصف الجندي الإنجليزي، أو الملاح الإنجليزي بذلك التعريف. فالملاح كثيرا ما يجبر على الخدمة وينتزع من جميع روابطه وعلاقاته، والجندي يشترى عادة بدينار وبعض دينار في سوق التجنيد، ولسيده أن يبيع عمله من يشاء من الأمراء الغرباء، أو يؤجره بما يبرمه من المعاهدات، ويقذف به إلى حيث يرمي، أو يرمى في ألمانيا أو البرتغال أو غانة أو الجزر الهندية الغربية، وهو مقيد بالعمل مدى الحياة يصدق عليه كل حرف مما ذكرته في ذلك التعريف، وقد يتخطى الرق الإنجليزي في حالة من الحالات كل ما انتهى إليه من الحدود في الديار الأمريكية.
إنجليزي :
وماذا تعني؟
أمريكي :
نحن لا نستطيع في أمريكا أن نأمر العبد بعمل لا يستقيم مع الخلق أو مع الشريعة، ولا نستطيع مثلا أن نأمره باقتراف جريمة القتل، ولو أمرناه بذلك لحق له أن يأبى وتقره القوانين على الإباء. غير أن الجندي مجبر على طاعة كل أمر، أو يعرض نفسه للموت، ولو كان الأمر كأمر هيرود بقتل كل طفل دون السنتين، أو بقطع رقاب الصغار في المستعمرات، أو بإطلاق النار على النساء والأطفال في بطاح سان جورج (إشارة إلى مذبحة سنة 1768).
2
نامعلوم صفحہ