بلا قيود
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
اصناف
أنياب الأرديبيتيكوس راميدوس - أقدم نوع يعطي هيكله دليلا على الحركة على قدمين - كانت قد تقلصت بدرجة كبيرة مقارنة بأنياب أسلافه. وبحلول زمن لوسي وأشباه البشر الأوائل، كانت الأنياب الكبيرة القاتلة الشبيهة بالأسلحة التي لدى كل أنواع الرئيسيات الأخرى قد اختفت تماما، ولم تظهر ثانية لدى أشباه البشر.
في الواقع، لاحظ أحد أعضاء الفريق الذي فحص موقع الأرديبيتيكوس راميدوس أن تقلص أنياب الذكور كان منذ ستة ملايين عام.
12
بدأ فقد الأنياب الشبيهة بالأسلحة قبل ظهور لوسي بملايين السنين، ومع حلول زمن أشباه البشر الأوائل كانت تلك الأنياب الكبيرة قد اختفت تماما، وهي السلاح العضوي الوحيد الذي حازته الرئيسيات خلال تاريخها كاملا الذي امتد خمسين مليون عام.
لا تجد لدى السعادين أو القردة أو أشباه البشر مخالب أو قرونا أو حوافر أو أنيابا خارجية، لكن كلها لديها أنياب كبيرة يمكنها بها إيقاع إصابة مؤلمة بل ومميتة بخصمها، إلا أن حفريات الأوسترالوبيثيكوس ليس لديها سوى أنياب صغيرة غير حادة مسطحة، ربما لم تكن قادرة على منافسة الأسلحة العضوية الخطيرة التي يمتلكها أعداؤها الطبيعيون (انظر شكل
2-2 ).
شكل 2-2: قارن بين الناب غير الحاد القصير لدى الهومينيد القديم، الأوسترالوبيثيكوس أفارينسيس (يسارا)، والأنياب الشبيهة بالأسلحة لدى أقرب أقاربنا، الشمبانزي (يمينا). (حقوق نشر الصورة إلى اليسار لعام 2014م محفوظة لشركة «سكالداجري إنك». نسخت بإذن. حقوق نشر الصورة إلى اليمين لعام 2014م محفوظة لبرنامج التوعية العلمية، التابع لجامعة «كانتبري»، كرايستشيرش، نيوزيلاندا. نسخت بإذن.)
علاوة على ذلك، لدى كل من القردة والسعادين قدرات فائقة على تسلق الأشجار تمكنها من الارتقاء عاليا لقمم الأشجار، بعيدا جدا عن متناول أعدائها الطبيعيين مثل القطط الكبيرة، لكن السيقان الطويلة المستقيمة وأصابع القدم المنكمشة لدى الأوسترالوبيثين وأنواع أشباه البشر الأخرى التي أعقبتها ربما أضعفت قدرتها على التسلق هربا من الخطر؛ مما كان يجعلها أكثر عرضة لأعدائها الطبيعية.
لا تختفي آليات الدفاع الطبيعية لدى الأنواع إلا حين تصبح غير ضرورية لبقائها على قيد الحياة؛ فرغم أنه بإمكان الرئيسيات بالطبع إلقاء الأحجار، فإن الحجر الثقيل لدرجة تكفي لإحداث ضرر حقيقي بأحد الضواري الكبيرة سيكون ثقيلا لدرجة تجعل رميه من مسافة بدقة كبيرة أمرا بالغ الصعوبة. كذلك، كم حجرا يستطيع أحد أشباه البشر رميه خلال الوقت الذي يستغرقه الأسد حتى يشن هجوما؟ تستطيع الهراوات الغليظة المصنوعة من الفروع الكبيرة أن تهشم جماجم الأعداء، لكن من على مسافة قريبة فقط. وإذا اقتربت بقدر كاف من حيوان ضار لتضربه على رأسه بهراوة، فربما يدنو منك بدرجة كافية لينهشك بمخالبه وينشب أنيابه في عنقك، إلا إن كنت قد أجهزت عليه بضربة واحدة. كيف استطاع إذن أشباه البشر الأوائل مباراة «طبيعة لا تأخذها رحمة ولا شفقة» دون أسنان أو مخالب لرد العدوان، في وقت كان كل ما يمتلكونه للذود عن أنفسهم هو «أياديهم المجردة»؟
الإجابة الأرجح تتمثل في أن أيادي أشباه البشر الأوائل لم تكن مجردة؛ فلا بد أنهم كانوا يحملون أسلحة، ولا بد أن الأسلحة التي صنعوها للهجوم على كل من الضواري والفرائس كانت متفوقة على الأنياب الكبيرة التي كانت لدى أسلافهم من الرئيسيات، لدرجة أنه لم يعد من الضروري امتلاك سلاح فعال من الأسنان.
نامعلوم صفحہ