بلا قيود
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
اصناف
الحياة من دون الغلاف الحيوي
تتطلب أي محاولة لاستيطان عوالم أخرى إنشاء نظام بيئي اصطناعي قادر على دعم حياة الإنسان دون الاتصال بالغلاف الحيوي للأرض، وقد أجريت محاولة للقيام بذلك بالضبط عام 1991م، ولكن ليس على كوكب آخر، وإنما في البيئة الأرضية المعتدلة نسبيا في جنوب غرب الولايات المتحدة؛ فقد أقيمت منطقة مسيجة من ثلاثة فدادين بتكلفة 200 مليون دولار سميت الغلاف الحيوي الثاني
6
في صحراء سونوران بالقرب من مدينة توسون في ولاية أريزونا؛ لتكون بمثابة نموذج لبيئة ذاتية الدعم يمكن تكرارها في مستوطنة خارج الأرض. وقد سكنها مجموعة من ثمانية أشخاص سموا أنفسهم سكان الغلاف الحيوي.
شكل 10-1: كان الهدف من الغلاف الحيوي الثاني توضيح كيف يمكن للبشر العيش على كواكب أخرى، لكنه أثبت عوضا عن ذلك أنه لا يمكن للحياة أن تستديم بمجرد انقطاع الاتصال بالأنظمة البيئية الطبيعية للأرض. (لقطة لغروب الشمس في الغلاف الحيوي الثاني من تصوير جون دي ديوس. منشورة بموجب رخصة المشاع الإبداعي من ويكيميديا كومونز.)
كان الرجال الأربعة والنساء الأربع الذين تطوعوا لهذه المهمة اعتزموا العيش داخل هذه المنطقة لسنتين، متكفلين بسبل الإعاشة دون أي موارد خارجية من هواء أو طعام أو مياه، وكان الغلاف الحيوي الثاني مجهزا بالتربة والمياه والزرع والحيوانات، وكذلك ضم بحرا صغيرا، وبيئة سافانا، ومستنقع مانجروف، وغابة مطيرة، وصحراء، ومزرعة . كان الهدف أن تتفاعل هذه البيئات المتنوعة وأجواءها لتكون نظام إعاشة مستقلا يستطيع البشر أن يعيشوا فيه إلى أجل غير مسمى.
في سبتمبر عام 1991م عبر سكان الغلاف الحيوي الحواجز الهوائية للغلاف الحيوي الثاني، وبدءوا مهمتهم التي استمرت عامين، لكن رغم توفر دعم تقني ومالي هائل من خارج المنطقة، أثبتت تجربة الغلاف الحيوي الثاني كيف يمكن أن ينهار نظام بيئي سريعا حين ينقطع اتصاله بالغلاف الحيوي الطبيعي (انظر شكل
10-1 ).
طوال العام الأول من المهمة فشلت المزرعة التي أقيمت داخل الغلاف الحيوي الثاني في توفير غذاء كاف للطاقم. خلال الاثني عشر شهرا الأولى شعر سكان الغلاف الحيوي بجوع مستمر، وسيطر عليهم القلق من ندرة الغذاء، وفقدوا قدرا كبيرا من أوزانهم. ومع نهاية العام الأول انقسم سكان الغلاف الحيوي إلى فئتين متعارضتين كان الكلام بينهما شبه منعدم.
رغم انتشار النباتات الخضراء ظلت معدلات الأكسجين تنخفض باستمرار داخل المنطقة، حتى وصلت في النهاية إلى المعدل الطبيعي الموجود عند ارتفاع 17500 قدم. وفي الوقت ذاته ارتفعت معدلات ثاني أكسيد الكربون ارتفاعا بالغا، متذبذبة بشدة من يوم لآخر. هكذا اضطر مديرو المشروع إلى ضخ الأكسجين في المنطقة المسيجة مرة بعد أخرى، خوفا على صحة الفريق، منذ الشهر السابع عشر من بدء التجربة.
نامعلوم صفحہ