القائل وهو أحد المغتابين، وكذلك تكف جميع الجوارح كما تكف البطن والفرج، ففي الخبر (خمس يفطرن الصائم: الكذب، والغيبة، والنميمة، واليمين الكاذبة، والنظر بشهوة)، وقال ﷺ: (إنما الصوم جنة فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث، ولا يفسق، ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم) .
ثم اجتهد أن تفطر على طعام حلال، ولا تستكثر فتزيد على ما تأكله كل ليلة، فلا فرق إذا استوفيت ما تعتاد أن تأكله دفعتين في دفعة واحدة، وإنما المقصود بالصيام كسر شهوتك، وتضعيف قوتك لتقوى بها على التقوى. فإذا أكلت عشية ما تداركت به ما فتك ضحوة، فلا فائدة في صومك، وقد ثقلت عليك معدتك، وما وعاء يملأ أبغض إلى الله تعالى من حلال، فكيف إذا ملىء من حرام؟
فإذا عرفت معنى الصوم فاستكثر منه ما استطعت، فإنه أساس العبادات، ومفتاح القربات؛ قال رسول الله ﷺ: (قال الله تعالى: كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزى به)، وقال ﷺ: (والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يقول الله تعالى عزوجل من قائل: إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه من أجلى، فالصوم لي وأنا أجزى به) وقال ﷺ: (للجنة باب له الريان، لا يدخله إلا الصائمون) .
فهذا القدر من شرح الطاعات يكفيك من بداية الهداية، فإذا احتجت إلى الزكاة، والحج، أو إلى مزيد شرح الصلاة والصيام، فاطلبه مما أوردناه في كتابنا (إحياء علوم الدين) .
القسم الثاني
القول في اجتناب المعاصى
توطئة
اعلم ان للدين شطرين، أحدهما: ترك المناهي، والآخر: فعل الطاعات.. وترك المناهي هو الأشد؛ فإن الطاعات يقدر عليها كل واحد، وترك الشهوات لا يقدر عليه إلا الصديقون،
1 / 51