18
ويجمل بنا قبل أن نخوض في تعريف العدد، أن نقول كلمة مختصرة في المقصود «بالتعريف» في الرياضة.
يقول «رسل» في كتابه «أصول الرياضة»
19
إنه إذا كانت لدينا مجموعة معينة من مدركات، ثم كان لدينا حد معين يراد تعريفه بواسطة تلك المجموعة من المدركات، فإن ذلك التعريف يكون ممكنا في حالة واحدة فقط، وهي أن يكون ذلك الحد المراد تعريفه مرتبطا ببعض تلك المدركات ارتباطا يتفرد به دون أي حد آخر، ويمكن شرح هذا الذي يقوله «رسل» في تعريف الحدود الرياضية على الوجه الآتي: افرض أننا قد بدأنا فسلمنا بأننا نعرف معاني مجموعة من الألفاظ هي: «أ، ب، ج، د»، ثم افرض أننا قد أردنا أن نعرف رمزا مجهولا هو «س» بواسطة تلك الرموز المعلومة لنا، فإن تعريفنا للرمز «س» يكون كاملا من الوجهة المنطقية لو أننا حللنا «س» إلى بعض تلك العناصر، كأن نقول مثلا إن معنى «س» هو «أ ج» بشرط ألا يعني هذان العنصران (أعني أ ج) إلا هذا الحد وحده (أي الحد «س») فلا يكون هناك حد آخر غير «س» يقال عنه أيضا إنه مساو للعنصرين «أ ج».
هذا هو التعريف في الرياضة عند «رسل»،
20
فهو أن نبدأ بقائمة من الألفاظ الأولية التي نقبلها بغير حاجة منا إلى تعريفها، وبواسطتها نعرف ما شئنا من الألفاظ الرياضية الهامة على النحو الذي ذكرناه، فحين يهم الرياضي بتعريف حد من حدوده، فلا يكفيه أن يحلل ذلك الحد إلى ما شاء من عناصر، بل لا بد له أن يتقيد في هذا التحليل بقائمة أمامه وضعت قبل أن يهم بتعريف ما يراد تعريفه، وتشتمل هذه القائمة على المدركات الأولية التي قبلناها بغير تعريف، أعني المدركات اللامعرفات، ولا بد بطبيعة الحال أن تكون هذه اللامعرفات الأولية منحصرة في أقل عدد ممكن، فكما يبتغي الرياضي أن يستدل أكبر عدد ممكن من النظريات من أقل عدد ممكن من الفروض، فكذلك تراه في مرحلة تعريفه لألفاظه الرياضية يحاول أن يحدد معاني أكبر عدد ممكن من الألفاظ بواسطة أقل عدد ممكن من اللامعرفات.
ها هنا نستطيع أن نضع أصابعنا على المهمة التي اضطلع بها المناطقة الرياضيون المحدثون أمثال «فريجه» و«رسل» و«وايتهد» وغيرهم، فقد كان الرأي الغالب - وإلى هذا الرأي ذهب «بيانو»
- وأتباعه
نامعلوم صفحہ