Belief in the Hereafter and Its Impact on Social Reform

Abdul Majeed bin Mohammed Al-Uwalan d. Unknown

Belief in the Hereafter and Its Impact on Social Reform

عقيدة الإيمان باليوم الآخر وآثرها في إصلاح المجتمع

اصناف

عقيدة الإيمان باليوم الآخر وآثرها في إصلاح المجتمع د. عبدالمجيد بن محمد الوعلان

1 / 1

المقدمة إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)﴾ [آل عمران: ١٠٢]، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)﴾ [الحشر: ١٨]. أما بعد: فإن عقيدة الإيمان باليوم الآخر من قضايا العقيدة الأساسية التي جاء بها الإسلام، والتي يقوم عليها بناء هذه العقيدة بعد قضية وحدانية الله. والتي لا يقوم هذا الدين عقيدة وتصورًا وخلقًا وسلوكًا وشريعة ونظامًا إلا عليها وبها. إن الحياة الحقيقة في الإسلام تمتد في الزمان فتشمل الفترة المحدودة التي يشهدها الإنسان - فترة الحياة الدنيا - وفترة الحياة الآخرة التي يمتد مداها أبد الآبدين. (ولما كان الارتباط بين حياتنا هذه وحياتنا الآخرة وثيقًا، إذ كانت هذه الحياة بمثابة الحرث والزرع، وكانت الآخرة بمثابة الجني والحصاد، كان لابد للإنسان من أن يعلم عن حياته الآخرة ما يدعوه للاستعداد لها، وإقامة حياته الدنيا على النمط الذي يحقق له في الآخرة خيرًا وفضلًا. ولما كانت الآخرة غيب لا يستطيع أصحاب العقول الثاقبة، والقلوب المبصرة اختراق حجبها فضلًا عمن دونهم، فإن الله تعالى تولى إخبارهم عن مسارهم في رحلتهم بعد الحياة، وعن مصيرهم المحتوم، ومزج الحديث عن الحياة الآخرة بالحديث عن هذه الحياة مزجًا يجعلهما متداخلين، تحقيقًا لإصلاح النفوس وتقويمها، في عالم تدأب فيه مخلوقات كثيرة بشرية وجنية على العمل لإضلال العباد وإبعادهم عن جادة الصواب) (^١). وتأتي أهمية هذا البحث في هذا الوقت الذي انشغل فيه كثير من الناس بالدنيا وما فيها من المتاع فنسوا اليوم الآخر. وأخذ فيه بعض الكتاب يشككون في ظهور ما أخبر به القرآن وما أخبر به الرسول ﷺ، أو يصرفون النصوص عن ظاهرها، أو يؤلونها ويحكّمون عقولهم فيها، بل وصل الحال ببعضهم إلى تكذيب كثير مما يجري في الآخرة مما صحت به الأخبار، وعمدتهم في ذلك مقاييس عقلية لو دققوا النظر فيها لتبين فسادها، ولو تعمقوا في علوم الآخرة لبان لهم أن الآخرة غير الدنيا، وأن مقاييس وموازين الآخرة مخالفة لما عليه الحال في الدنيا.

(^١) انظر: عمر الأشقر - اليوم الآخر، القيامة الصغرى، ص ٧، ط. السادسة، دار النفائس، الأردن، ١٤١٥ هـ.

1 / 2

وكذلك فإن هذا البحث دعوة للإيمان بالله تعالى وباليوم الآخر، وتصديق لما أخبر به الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)﴾ [النجم:٤]، ﷺ. وهو أيضًا دعوة للتأهب لما بعد الموت، فإن الأجل قريب، والإنسان لا يعلم مصيره بعد الموت، إما إلى الجنة وإما إلى النار قال تعالى: ﴿(٣٣) فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (٣٦) فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات:٣٤ - ٤١]. نسأل الله ﷾ أن يجعلنا من أهل الجنة، وأن يعيذنا من النار.

1 / 3

خطة البحث: يشتمل هذا البحث على مقدمه، وتمهيد، وأربعة فصول، وخاتمة. - أما المقدمة: فتشتمل على أهمية هذا الموضوع، وخطته. - وأما التمهيد: فتحدثت فيه عن الأطوار التي يمر بها الإنسان. وهذه الأطوار هي: ١ - الطور الأول: حياته وهو جنين. ٢ - الطور الثاني: حياته الدنيا. ٣ - الطور الثالث: حياته وهو في البرزخ. ٤ - الطور الرابع: حياته في الآخرة. - وأما الفصل الأول: الإيمان باليوم الآخر: فيشتمل على ثلاثة مباحث: المبحث الأول: تحدثت فيه عن أهمية الإيمان باليوم الآخر وأنه أصل من أصول الدين. وعن الحقائق التي يشتملها الإيمان باليوم الآخر. وعن معنى الإيمان في اللغة والشرع. المبحث الثاني: وتحدثت فيه عن أسماء اليوم الآخر وذكرت الأدلة على ذلك، وسبب كثرة أسماء اليوم الآخر. المبحث الثالث: وتحدثت فيه عن علاقة الإيمان باليوم الآخر بالإيمان بالغيب: وبينت فيه ارتباط الإيمان باليوم الآخر بالإيمان بالغيب، وأن الإيمان باليوم الآخر هو إيمان بالغيب. - وأما الفصل الثاني: أشراط الساعة، ويشتمل على أربعة مباحث: المبحث الأول: الساعة وأمارتها: وبينت فيه أقسام أشراط الساعة وأنها تنقسم إلى قسمين: ١ - أشراط الساعة الصغرى. ٢ - أشراط الساعة الكبرى. وأن أشراط الساعة الصغرى منها ما وقع ومنها ما لم يقع. المبحث الثاني: تحدثت فيه عن أشراط الساعة الصغرى. المبحث الثالث: تحدثت فيه عن المهدي؛ وذلك لأن ظهوره يسبق ظهور أشراط الساعة الكبرى. وبينت مكان خروجه. المبحث الرابع: تحدثت فيه عن أشراط الساعة الكبرى. - وأما الفصل الثالث: الحقائق التي يشتملها الإيمان باليوم الآخر: فيشتمل على تسعة مباحث: المبحث الأول: البعث، وتحدثت فيه عن معنى البعث، وما المراد منه، والأدلة عليه، وطرق القرآن في تقرير المعاد، وشبهة المنكرين للبعث والرد عليهم. وتحدثت عن الحشر واختلاف أحوال الناس فيه، وعن الأرض التي يحشر عليها العباد وأنها غير

1 / 4

أرضنا هذه. ثم ذكرت شيئًا من أهوال يوم القيامة. المبحث الثاني: دنو الشمس من الخلائق، تحدثت فيه عن دنو الشمس من الخلائق، وحال الناس عند حدوث ذلك. المبحث الثالث: محاسبة الخلائق على أعمالهم، وتحدثت فيه عن محاسبة الخلق، وأن محاسبة المؤمن محاسبة فضل وکرم وإنعام، وأن محاسبة الكافر غير ذلك. المبحث الرابع: الميزان، وتحدثت فيه عن معناه، وعن اعتقاد أهل السنة والجماعة فيه، وبينت أن الذي يوزن هو العامل والأعمال والصحائف وأن العبرة في الثقل والخفة بالأعمال. المبحث الخامس: نشر الكتب، وتحدثت فيه عن نشر الكتب، وأن من الناس من يأخذ كتابه بيمينه وهم المؤمنون، وأن منهم من يأخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره وهم الكافرون. المبحث السادس: الحوض، وتحدثت فيه عن معناه، وعن اعتقاد أهل السنة والجماعة فيه، ومتى يكون، وأنه للمؤمنين فقط. المبحث السابع: الشفاعة، وتحدثت فيه عن الشفاعة وأنواعها وأن منها ما هو خاص بالنبي ﷺ، ومنها ما تكون عامة، له ولسائر النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. ثم ذكرت شروط الشفاعة المقبولة. المبحث الثامن: الصراط، وتحدثت فيه عن معناه، وعن اعتقاد أهل السنة والجماعة فيه، وعن كيفية مرور الناس عليه. المبحث التاسع: دخول الجنة أو النار، وتحدثت فيه عن نهاية المطاف يوم القيامة، وأن المصير إما إلى الجنة، وإما إلى النار. وبينت فيه أن الجنة والنار مخلوقتان، موجودتان، لا تفنيان، ولا تبيدان. - وأما الفصل الرابع: آثار الإيمان باليوم الآخر في إصلاح المجتمع، وتحدثت فيه عن أثر الإيمان باليوم الآخر، وبينت الفرق بين من يؤمن باليوم الآخر وبين من لا يؤمن باليوم الآخر. الخاتمة: وتحدثت فيها عن أهم النتائج التي توصلت اليها. فهرس المصادر والمراجع. فهرس الموضوعات.

1 / 5

تمهيد: الأطوار التي يمر الإنسان بها من الحياة يمر الإنسان في أربعة أطوار من الحياة (¬١): ١ - الطور الأول: حياته وهو جنين: فالجنين في بطن أمه كائن حي، يحس ويتحرك، ويتألم وينمو ويمرض ويصح ... إلى أن يقضي فيه الزمن المعين الذي قدر له. ثم ينقل إلى هذه الحياة طفلًا ضعيفًا كما نراه، قال تعالى: ﴿وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا﴾ [الحج: ٥]. ٢ - الطور الثاني: حياته الدنيا: ثم ينتقل من ضيق الرحم، إلى هذه الحياة الفسيحة، فيحيا فيها حياة لا شبه بينها وبين حياته وهو في الطور الأول في بطن أمه. فقد أصبح يتغذى من فمه، ويبصر بعينيه، ويسمع بأذنيه، ويبطش بيديه، ويمشي على رجليه. حتى إذا بلغ أشده واستوي، منحه الله عقلًا، وأتاه علمًا، وبقي في هذه الدنيا إلى أجله المحتوم ... ثم يموت. والموت هو القيامة الصغرى فكل من مات فقد قامت قيامته، وحان حينه، عن عائشة ﵂ قالت: كان رجال من الأعراب يأتون النبي ﷺ فيسألونه عن الساعة، فكان ينظر إلى أصغرهم فيقول: «إن يعش هذا، لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم» (^٢). قال ابن كثير (^٣): (والمراد انخرام قرنهم ودخولهم في عالم الآخرة، فإن كل من مات فقد دخل في حكم الآخرة، وبعض الناس يقول: من مات فقد قامت قيامته، وهذا الكلام بهذا المعنى صحيح) (^٤).

(^١) انظر: الإيمان باليوم الآخر وبالقضاء والقدر، أحمد عز الدين البيانوني، ص ٧ - ١٢، ط الثانية، دار السلام، ١٤٠٥ هـ. (^٢) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب سكرات الموت، (١١/ ٣٦١ - مع الفتح)، دار الفكر، بتعليق الشيخ عبدالعزيز بن باز، صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب قرب قيام الساعة، (١٨ - ٩٠ - مع شرح النووي)، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٧ هـ. (^٣) هو عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي الشافعي، الإمام الحافظ المحدث المؤرخ، من مؤلفاته: تفسير القرآن العظيم، والبداية والنهاية، واختصار علوم الحديث، توفي عام ٧٧٤. انظر: الدرر الكامنة: ١/ ٤٠٠، وشذرات الذهب: ٦/ ٢٣٢. (^٤) ابن كثير، النهاية في الفتن والملاحم، ص ١٣، ضبط وتصحيح: أحمد عبدالشافي، ط. الثانية، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٧ هـ.

1 / 6

وإذا حان الأجل وشارفت حياة الإنسان على المغيب أرسل الله رسل الموت لسل الروح المدبرة للجسد والحركة له، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (٦١)﴾ [الأنعام:٦١]، وملائكة الموت تأتي المؤمن في صورة حسنة جميلة، وتأتي الكافر والمنافق في صورة مخيفة. وما يحدث للميت حال موته لا نشاهده ولا نراه، وإن كنا نرى آثاره، وقد حدثنا ربنا ﵎ عن حال المحتضر فقال: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥)﴾ [الواقعة:٨٣ - ٨٥]، والمتحدث عنه في الآية الروح عندما تبلغ الحلقوم في حال الاحتضار، ومن حوله ينظرون إلى ما يعانيه من سكرات الموت، وإن كانوا لا يرون الملائكة التي تَسُلُ روحه، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (٦١)﴾ [الأنعام:٦١]، وقال في الآية الآخرة: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (٣٠)﴾ [القيامة:٢٦ - ٣٠] والتي تبلغ التراقي هي الروح، والتراقي جمع ترقوه وهي العظام التي بين ثغرة النحر والعاتق (^١). وقد صرح القرآن بأن الملائكة تبشر المؤمن بالمغفرة من الله والرضوان، وتبشر الكافر بسخط الله وغضبه، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢)﴾ [سورة فصلت:٣٠ - ٣٢]. وهذا التنزل كما قال طائفة من أئمة التفسير منهم مجاهد (^٢) إنما يكون حال الاحتضار (^٣). أما الكفرة الفجرة فإن الملائكة تتنزل عليهم بنقيض ذلك قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ

(^١) تفسير ابن كثير (٤/ ٤٨١). (^٢) هو مجاهد بن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة أبو الحجاج المخزومي مولاهم المكي: ثقة إمام في التفسير والعلم من الثالثة مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومئة - وله ثلاث وثمانون. تقريب التهذيب لابن حجر ص ٤٥٣، ط. الأولى، بعناية: عادل مرشد، مؤسسة الرسالة، بيروت ١٤١٦ هـ. (^٣) تفسير ابن كثير (٤/ ١٠٧).

1 / 7

كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٥٠) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [سورة الأنفال:٥٠ - ٥١]. قال ابن كثير ﵀: (وإن كان هذا في وقعة بدر، ولكنه عام في حق كل كافر، ولهذا لم يخصصه تعالى بأهل بدر، بل قال: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ..) (^١). وللموت سكرات يلاقيها كل إنسان حين الاحتضار، كما قال تعالى: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩)﴾ [ق:١٩]. وقد عانى النبي ﷺ من هذه السكرات، ففي مرضه ﷺ كان بين يديه ركوة من ماء أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه، ويقول: «لا إله إلا الله، إن للموت سكرات» (^٢)، وتقول عائشة ﵂ في مرض رسول الله ﷺ: «ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله ﷺ» (^٣). ثم إذا نزعت الروح صعد بها إلى السماء، عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدانها»، قال حماد (^٤): "فذكر من طيب ريحها، وذكر المسك، قال: "ويقول أهل السماء: روح طيبة جاءت من قبل الأرض، صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه، فينطلق به إلى ربه ﷿، ثم يقول: انطلقوا به إلى أخر الأجل"، قال: "وإن الكافر إذا خرجت روحه - قال حماد وذكر من نتنها، وذكر لعنا ويقول أهل السماء: روح خبيثة من قبل الأرض، قال فيقال: انطلقوا به إلى آخر الأجل (^٥). وهذان الطوران نراهما بأعيننا وندرك الفرق الشاسع بينهما.

(^١) المرجع السابق (٢/ ٣٣٢). (^٢) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب سكرات الموت، (١١/ ٣٦١ - مع الفتح). (^٣) صحيح البخاري، كتاب المرضى، باب شدة المرض، (١٠/ ١١٠ - مع الفتح). (^٤) هو حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل البصري ثقة ثبت فقيه، قيل أنه كان ضريرًا ولعله طرأ عليه لأنه صح أنه كان يكتب، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين وله إحدى وثمانون سنة. تقريب التهذيب ص ١١٧. (^٥) صحيح مسلم، كتاب الجنة، باب عرض مقعد الميت عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه (١٧/ ٢٠٥).

1 / 8

٣ - الطور الثالث: حياته وهو في البرزخ: فإذا مات انتقل من هذه الحياة، إلى حياة برزخية، تنفصل فيها الروح عن الجسد، ويتنعم فيها أو يعذب. قال الله تعالى: ﴿وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)﴾ [سورة غافر: ٤٥ - ٤٦] [غافر: ٤٥ - ٤٦]. ومر النبي ﷺ بقبرين فقال: «إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لايستتر من بوله» (^١). والبرزخ: هو أول عالم من عوالم الآخرة. والبرزخ في كلام العرب الحاجز بين الشيئين، قال تعالى: ﴿أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا﴾ [الفرقان: ٥٣]، أي حاجزًا. وفي الشرع: الدار التي تعقب الموت إلى البعث، قال تعالى: ﴿وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠)﴾ [سورة المؤمنون: ١٠٠]. قال مجاهد: هو ما بين الموت والبعث (^٢). (وأول شيء يكون بعد الموت فتنة القبر فإن الناس يفتنون - أي يختبرون - في قبورهم فما من إنسان يموت سواء دفن في الأرض، أو رمي في البحر، أو أكلته السباع، أو ذرته الرياح، إلا ويفتن هذه الفتنة فيسأل عن ثلاثة أمور: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ . فأما المؤمن فيقول ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي، وحينئذ يفسح له في قبره مد البصر، ويفرش له فراش من الجنة ويفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها. أما إذا كان كافرًا أو منافقًا فإنه إذا سئل من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته، فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين - الإنس والجن - ولو سمعها لصعق (^٣» (^٤). ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي ﷺ مما يكون بعد الموت

(^١) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب عذاب القبر من الغيبة والنميمة، (٣/ ٢٤٢ - مع الفتح). (^٢) التذكرة للقرطبي، ص ٢٠٠، ط. الأولى، دار الريان للتراث، القاهرة، ١٤٠٧ هـ.٦ (^٣) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، فتح الباري (٣/ ٢٠٦). (^٤) ابن عثيمين، أركان الإيمان، ٣٨ - ٤٠، ط. الأولى، دار المسلم، الرياض، ١٤١٣ هـ. صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب الميت يسمع خفق النعال، فتح الباري (٣/ ٢٣١).

1 / 9

فيؤمنون بفتنة القبر وبعذاب القبر ونعيمه (^١). يقول شارح الطحاوية: (وقد تواترت الأخبار عن رسول الله ﷺ في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلًا، وسؤال الملكين، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به، ولا نتكلم في كيفيته؛ إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، لكونه لا عهد له بهذه الدار، والشرع لا يأتي بما تحيله العقول بل إن الشرع قد يأتي بما تحار فيه العقول، فإن عودة الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا، بل تعاد اليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا) (^٢). قال تعالى: ﴿يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (٣١) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٢)﴾ [سورة النحل:٣١ - ٣٢]. ووجه الدلالة في هذه الآية على نعيم القبر قوله: ﴿تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ﴾ حال توفيهم: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾، وهم وإن كانوا لم يدخلوا الجنة التي عرضها السموات والأرض لكن دخلوا القبر الذي فيه نعيم الجنة. (وقد وردت إشارات في القرآن تدل على عذاب القبر، وقد ترجم البخاري (^٣) في كتاب الجنائز لعذاب القبر، فقال: باب ما جاء في عذاب القبر، وساق في الترجمة قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣)﴾ [سورة الأنعام:٩٣]، وقوله تعالى ﴿سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ﴾ [التوبة:١٠١]، وقوله تعالى: ﴿وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)﴾ [سورة غافر:٤٥ - ٤٦].

(^١) ابن تيمية، العقيدة الواسطية، ص ١٤٢، شرح صالح الفوزان، ط. السادسة، مكتبة المعارف، الرياض، ١٤١٣ هـ. (^٢) شرح العقيد الطحاوية لابن أبي العز (٢/ ٥٧٨)، تحقيق التركي والأرنؤوط، ط. الأولى، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٨ هـ. (^٣) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي، أبو عبدالله البخاري، جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث من الحادية عشرة، مات سنة ست وخمسين في شوال وله ٦٢ سنة. تقريب التهذيب: ٤٠٤.

1 / 10

عن عائشة ﵂: أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة الرسول ﷺ عن عذاب القبر، فقال: «نعم، عذاب القبر حق»، قالت عائشة ﵂: فما رأيت رسول الله ﷺ بعد صلى إلا تعوذ من عذاب القبر (^١). وعن عبدالله بن عمر ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي: إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة» (^٢). والعذاب في القبر على الروح في الأصل وربما يتصل بالبدن، ومع ذلك فإن كونه على الروح لا يعني أن البدن لا يناله منه شيء بل لابد أن يناله من هذا العذاب أو النعيم شيء وإن كان غير مباشر. واعلم أن العذاب والنعيم في القبر على عكس العذاب أو النعيم في الدنيا، فإن العذاب أو النعيم في الدنيا على البدن، وتتأثر به الروح، وفي البرزخ يكون النعيم أو العذاب على الروح، ويتأثر به البدن (^٣). يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (^٤): "العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعًا باتفاق أهل السنة والجماعة، تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن، وتعذب متصلة بالبدن، والبدن متصل بها، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين، كما يكون للروح منفردة عن البدن" (^٥). ٤ - الطور الرابع: حياته في الآخرة: ثم تقوم الساعة، ويبعث الناس ويحشرون ويحاسبون على أعمالهم: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٠٧) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)﴾ [سورة هود: ١٠٥ - ١٠٨] [هود: ١٠٥ - ١٠٨]. والله تعالى حين أخبرنا بما يستقبلنا من الطورين الأخيرين ومهد للإيمان بهما بالطورين الأولين اللذين نراهما بأعيننا وهما: حياتنا ونحن أجنة في بطون أمهاتنا، وحياتنا هذه في الدنيا. فالخالق العظيم القادر الذي

(^١) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، فتح الباري (٣/ ٢٣١). (^٢) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي (١/ ٣٤٣ - مع الفتح). (^٣) أركان الإيمان، ص ٤٢ - ٤٣. القيامة الصغرى، ص ٤٩. (^٤) هو شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الدمشقي، الإمام العالم العلامة الفقيه، القدوة، وله المصنفات العظيمة، منها: منهاج السنة النبوية، ودرء تعارض العقل والنقل، والجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، والتدمرية، والواسطية، وغيرها، توفي عام ٧٢٨ هـ. انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: ٢/ ٣٨٧، والبداية والنهاية: ١٤/ ١٤١، وشذرات: ٦/ ٨٠، والجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون، جمع محمد عزير شمس وعلي العمران. (^٥) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمة، (٤/ ٢٨٢)، جمع: عبدالرحمن بن قاسم، مكتبة ابن تيمية، مصر.

1 / 11

جعل هذا التفاوت العجيب بين هذين الطورين من أطوار الحياة قادر أن يجعل التباين أكبر والتفاوت أعظم بين حياتنا هذه وحياتنا في البرزخ ثم بينها وبين حياتنا في الآخرة دار النعيم المقيم أو العذاب الأليم. فلا ينبغي أن يعظم علينا حين يخبرنا النبي ﷺ أن أهل الجنة يتنعمون فيها ويأكلون ويشربون ولا يتغوطون ولا يبولون ولا يمتخطون وأنهم مخلدون في هذا النعيم لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم .. وأن أهل النار يعذبون فيها كلما نضجت جلودهم بدلهم القوي القدير جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب خالدين فيه ... إلى غير ذلك. وسيأتي الكلام - إن شاء الله تعالى - عن الآخرة وبعض ما فيها من أهوال حتى دخول أهل الجنة الجنة، ودخول أهل النار النار.

1 / 12

الفصل الأول الإيمان باليوم الآخر المبحث الأول: أهمية الإيمان باليوم الآخر: الإيمان بيوم القيامة أصل من الأصول، لا يتم الإيمان إلا به ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾ [البقرة: ١٧٧]. وقد ساق القرآن ضروبًا متنوعة من الأساليب البيانية الراقية كي يؤكد وقوعها في نفوس العباد قال تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢)﴾ [الرعد: ٢]. ففي بعض المواضع يكون الحديث عنها خبرًا مجردًا، قال تعالى: ﴿اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١)﴾ [الروم: ١١]، وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا﴾ [النور: ٦٤]. ومرة يؤكد وقوعها بـ"إن"، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ﴾ [طه: ١٥]، ومرة بـ"إن" واللام، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥)﴾ [الحِجر: ٨٥]، وقال تعالى: ﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥)﴾ [العنكبوت: ٥]. وفي بعض المواضع ينفي الريب والشك عن وقوعها، قال تعالى: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (٥٩)﴾ [غافر: ٥٩]. وفي بعض الآيات يقسم الله تعالى على أنها آتية واقعة مرة بنفسه، قال تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [النساء: ٨٧]، ومرة بمخلوقاته العظيمة، قال تعالى: ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (١) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (٢) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (٣) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (٤) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (٦)﴾ [سورة الذاريات: ١ - ٦]. وفي بعض المواضع يأمر رسوله ﷺ في مجال الحجج والخصام بالإقسام بربه مؤكدًا وقوعها: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ [سبأ: ٣]. وفي بعض الآيات يخبر بأنها حق: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾

1 / 13

[سورة فاطر:٥]، ومن تتبع طريقة القرآن في تأكيد الإخبار بها تحصل عنده أنواع كثيرة (^١). والإيمان أمره عظيم؛ إذ هو الأساس الذي تبنى عليه السعادة في الدنيا والآخرة، فهو من أعظم مراتب الدين، فإن جبريل لما جاء إلى النبي ﷺ في حضرة أصحابه سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان: «فقال يا محمد: أخبرني عن الإسلام، قال الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت اليه سبيلًا» - ففسر الإسلام على أنه الإتيان بهذه الأركان الخمسة: الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت- «قال: صدقت فأخبرني عن الإيمان، قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله أو أن تؤمن بالقدر خيره وشره» - ففسر الإيمان على أنه الإيمان بهذه الأركان الستة: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره - «قال أخبرني عن الإحسان قال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (^٢)، فبين أن الإحسان ركن واحد هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. فهذه هي مراتب الدين الثلاث: الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان، وكل مرتبة لها أركان. والركن في اللغة: بالضم الجانب الأقوى والأمر العظيم (^٣)، (فركن الشيء: جانبه الذي يقوم عليه، فركن البيت هو جانبه الذي يقوم عليه، فالإيمان يقوم على هذه الأركان الستة فإذا سقط منها ركن لم يكن الإنسان مؤمنًا به لأنه فقد ركنا من أركان الإيمان.

(^١) انظر: اليوم الآخر – القيامة الصغرى، ص ١١٣ - ١١٤. (^٢) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي ﷺ عن الإيمان والإسلام والإحسان (١/ ١١٤ - مع الفتح)، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان (١/ ١٥٠ - مع شرح النووي). (^٣) الفيروزآبادي، القاموس المحيط، (ص ١٠٨٢)، ضبط وتوثيق: يوسف الشيخ محمد البقاعي، دار الفكر، بيروت ١٤١٥ هـ.

1 / 14

فالإيمان لا يقوم إلا على أركانه كما لا يقوم البنيان إلا على أركانه، وهذه الأركان الستة مذكورة في القرآن الكريم، تارة تذكر جميعًا وتارة يذكر بعضها، قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾ [البقرة:١٧٧] ذكر - جل وعلا- في هذه الآية خمسة أركان من أركان الإيمان، وقال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ [البقرة:٢٨٥] ذكر منها أربعة، وتارة يذكر منها اثنين: الإيمان بالله واليوم الآخر قال جل شأنه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [البقرة:٦٢]. وأما - الإيمان بالقدر فقد ذكره في قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)﴾ [القمر:٤٩]، وفي قوله: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢)﴾ [الفرقان:٢] (^١). ومن الأدلة على وجوب الإيمان باليوم الآخر قوله تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)﴾ [المؤمنون:١١٥]، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (٦٢)﴾ [الأنعام:٦٢]، وقال تعالى: ﴿(٢٧) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة:٢٨]. والإيمان باليوم الآخر يشتمل على مجموعة من الحقائق وردت في الكتاب والسنة، فلزم الإيمان بها جميعًا، ومنها: فتنة القبر وعذابه ونعيمه، والساعة وأمارتها، والبعث والحشر والحساب وما يتبعه من ثواب وعقاب والصراط والجنة والنار. قال شيخ الإسلام ابن تيمة: (ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به ﷺ مما يكون بعد الموت ...) (^٢). (وهذا ضابط جامع يدخل فيه الإيمان بالنصوص الواردة في حالة الاحتضار وفي القبر والقيامة والجنة والنار وجميع ما احتوت عليه من التفاصيل ...) (^٣).

(^١) صالح الفوزان، الإيمان بالملائكة وآثاره في حياة الأمة، ص ٣، ط. الأولى، دار العاصمة، الرياض، ١٤١٣ هـ. (^٢) العقيدة الواسطية، ص ١٤٢، شرح الشيخ صالح الفوزان. (^٣) ابن سعدي، التنبيهات اللطيفة على ما احتوت العقيدة الواسطية من المباحث المنيفة، ص ٦٩، ط. الأولى، ضبط وتخريج: علي حسن عبدالحميد، دار ابن القيم، العام، ١٤٠٩ هـ.

1 / 15

وقبل أن نتحدث عن هذه النقاط نقدم مقدمة نوضح فيها بعض الأمور التي تتعلق بالإيمان باليوم الآخر، منها: تعريف الإيمان في اللغة والشرع، وتعريف اليوم الآخر، وسبب تسميته بذلك، وأسماءه، ومدة هذا اليوم، وعلاقة الإيمان باليوم الآخر بالإيمان بالغيب. فالإيمان في اللغة: هو التصديق، وفي لسان العرب: الإيمان بمعنى التصديق ضده التكذيب، يقال: أمن به قوم، وكذب به قوم (^١). قال الراغب الأصبهاني (^٢) ﵀: "أصل الأمن طمأنينة النفس وزوال الخوف " (^٣). والإيمان مصدر آمن يؤمن إيمانًا فهو مؤمن (^٤)، وأصل آمن أأمن بهمزتين لينت الثانية (^٥)، وهو من الأمن ضد الخوف (^٦). قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في تعريفه للإيمان: " .. فإن اشتقاقه من الأمن الذي هو الإقرار والطمأنينة، وذلك إنما يحصل إذا استقر في القلب التصديق والإنقياد" (^٧). قال الشيخ ابن عثيمين (^٨): (الإيمان في اللغة الإقرار بالشيء عن تصديق به. إذًا فالإيمان يتضمن معنى زائدًا على مجرد التصديق، وهو الإقرار والاعتراف المستلزم للقبول للأخبار والإذعان للأحكام) (^٩). وفي الشرع: (قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان) (^١٠). واليوم الآخر هو يوم القيامة الذي يبعث الناس فيه للحساب والجزاء. وسمي بذلك لأنه لا يوم بعده

(^١) ابن منظور، لسان العرب، ١/ ١٤٠، دار المعارف، القاهرة. (^٢) أبو القاسم الحسين بن مفضل الأصبهاني أو الأصفهاني، المعروف بالراغب، سكن بغداد واشتهر بها، من آثاره: مفرادات ألفاظ القرآن، وغيرها، توفي سنة ٥٠٢ هـ. انظر: الوافي بالوفيات: ١٣/ ٢٩، وشذرات الذهب: ٤/ ٣٤. (^٣) المفردات في غريب القرآن: ٩٠. (^٤) تهذيب اللغة: ١٥/ ٣٦٨. (^٥) الصحاح: ٥/ ٢٠٧١. (^٦) الصحاح: ٥/ ٢٠٧١، والقاموس المحيط: ١١٧٦. (^٧) الصارم المسلول: ٥١٩، وانظر: الفتاوى: ٧/ ٢٨٩. (^٨) هو أبو عبدالله محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين الوهيبي التميمي، ولد في عنيزة عام ١٣٤٧ هـ، إمام وخطيب الجامع الكبير بعنيزة ومحاضر بكلية الشريعة بالقصيم وعضو هيئة كبار العلماء، له مؤلفات كثيرة، توفي عام ١٤٢١. انظر ترجمته في: الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثمين لوليد الحسن، ومقدمة شرح الأصول الثلاثة للشيخ ابن عثيمين، إعداد: فهد السليمان، ط. الأولى، دار الثريا، الرياض، ١٤١٤ هـ. ومقدمة شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين، ط. الثانية، دار ابن الجوزي، الدمام، ١٤١٥ هـ. (^٩) ابن عثيمين، شرح العقيدة الواسطية، ص ١/ ٥٤، ط. الثانية، دار ابن الجوزي، الدمام، ١٤١٥ هـ. (^١٠) العقيدة الواسطية، مع شرح الفوزان، ص ١٧٨.

1 / 16

حيث يستقر أهل الجنة في منازلهم وأهل النار في منازلهم (^١)، ولتأخره عن الدنيا (^٢). ومدة هذا اليوم الذ يحاسب الناس فيه خمسين ألف سنة ثم يُرى سبيلهم إما إلى جنه وإما إلى نار، ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿(٣) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج:٤]، وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله -صلى الله علية وسلم-: «ما من صاحب ذهب ولا فضه لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» (^٣) .. الحديث. قال ابن عباس –﵄: ﴿إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ قال: يوم القيامة، وإسناده صحيح (^٤).

(^١) ابن عثيمين، شرح أصول الإيمان، ص ٤٠، ط. الأولى، دار الوطن، الرياض، ١٤١٠ هـ. (^٢) شرح العقيدة الواسطية، الفوزان، ص ١٤٢. (^٣) صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة (٧/ ٦٧ – مع شرح النووي). (^٤) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم (٤/ ٤٤٧).

1 / 17

المبحث الثاني: أسماء اليوم الآخر (^١) سمى الله ذلك اليوم الذي يحل فيه الدمار بهذا العالم ثم يعقبه فيه البعث والنشور للجزاء والحساب بأسماء كثيرة، وقد اعتنى جمع من أهل العلم بذكر هذه الأسماء، وقد عدها بعض العلماء فبلغت ثمانين اسمًا كما يقول ابن حجر ﵀ (^٢). وأشهر هذه الأسماء ما يلي: ١ - يوم القيامة: ورد هذا الاسم في سبعين آية من آيات كتاب الله، قال تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [النساء: ٨٧]. ٢ - اليوم الآخر: قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾ [البقرة: ١٧٧]، وأحيانًا يسميه بالآخرة أو الدار الآخرة، قال تعالى: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ﴾ [النساء: ٧٤]، وقال تعالى: ﴿الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ﴾ [القصص: ٨٣]. ٣ - الساعة: قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١)﴾ [الحج: ١]. ٤ - يوم البعث: قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ [الحج: ٥] .. الآية. ٥ - يوم الخروج: قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (٤٢)﴾

(^١) انظر: اليوم الآخر، القيامة الصغرى، ص ٢٠ - ٣٠. (^٢) هو شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن حجر الكناني العسقلاني الشافعي، ولد سنة ٧٧٣ هـ ابتدأ بالتصنيف في الثالثة والعشرين من عمره واستمر في ذلك حتى قبل وفاته، ومن أهم كتبه: فتح الباري شرح صحيح البخاري، وتهذيب التهذيب، ولسان الميزان وغيرها، توفي سنة ٨٠٢. انظر ترجمته في: انظر: الضوء اللامع: ٢/ ٣٦، وشذرات الذهب: ٧/ ٢٧٠، والبدر الطالع: ١/ ٨٧، ومقدمة النكت على نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر لابن حجر، بقلم علي حسن عبد الحميد، ص ٩ - ١٤، ط. الأولى، دار ابن الجوزي، الدمام، ١٤١٣ هـ.

1 / 18

[ق:٤٢]. ٦ - القارعة: قال تعالى: ﴿الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (٣)﴾ [سورة القارعة:١ - ٣]. ٧ - يوم الفصل: قال تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١)﴾ [الصافات:٢١]. ٨ - يوم الدين: قال تعالى: ﴿وَقَالُوا يَاوَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠)﴾ [الصافات:٢٠]. ٩ - الصاخة: قال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣)﴾ [عبس:٣٣]. ١٠ - الطامة الكبرى: قال تعالى: ﴿(٣٣) فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى﴾ [النازعات:٣٤]. ١١ - يوم الحسرة: قال تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٩)﴾ [مريم:٣٩]. ١٢ - الغاشية: قال تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)﴾ [الغاشية:١]. ١٣ - يوم الخلود: قال تعالى: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤)﴾ [ق:٣٤]. ١٤ - يوم الحساب: قال تعالى: ﴿يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (٢٦)﴾ [ص:٢٦]. ١٠ - الواقعة: قال تعالى: ﴿(٧٨) إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ [الواقعة:١]. ١٦ - يوم الوعيد: قال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠)﴾ [ق:٢٠]. ١٧ - يوم الآزفة: قال تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ﴾ [غافر:١٨]. ١٨ - يوم الجمع: قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [الشورى:٧]. ١٩ - الحاقة: قال تعالى: ﴿الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة:١ - ٢].

1 / 19

٢٠ - يوم التلاق: قال تعالى: ﴿(١٤) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ﴾ [غافر:١٥]. ٢١ - يوم التناد: قال تعالى: مخبرا عن نصيحة مؤمن آل فرعون لقومه: ﴿وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (٣٢)﴾ [سورة غافر:٣٢]. ٢٢ - يوم التغابن: قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ [التغابن:٩]. هذه هي أشهر أسماء اليوم الآخر، يقول القرطبي (^١) في السر في كثرة أسماء اليوم الآخر: (وكل ما عظم شأنه تعددت صفاته وكثرت أسماؤه وهذا جميع كلام العرب ألا ترى أن السيف لما عظم عندهم موضعه وتأكد نفعه لديهم وموقعه جمعوا له خمسمائة اسم وله نظائر، فالقيامة لما عظم أمرها وكثرت أهوالها سماها الله تعالى في كتابه بأسماء عديدة، ووصفها بأوصاف كثيرة) (^٢).

(^١) هو أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي المالكي، صاحب التفسير المشهور الذي يدل على إمامته وكثرة اطلاعه ووفور فضله وتبحره في مختلف الفنون المتوفي سنة ٦٧١ هـ. انظر ترجمته في: الديباج المذهب لمعرفة أعيان علماء المذهب ٢/ ٢٤٣، وشذرات الذهب: ٧/ ٥٨٤، ومقدمة الجامع لأحكام القرآن، تصحيح: أحمد عبدالعليم، ص ٤، ط. الثانية. (^٢) التذكرة (٢٤٣ - ٢٤٤).

1 / 20