وفجأة دق قلب محمد وكأن أحدهم ساهاه وقذفه فجأة في الترعة فقد أحس هكذا أن الشيخة أم جاد المولى امرأة، لم تكن جميلة ولا صغيرة ولا تعوج القمطة، بل لونها كزوجها، يميل إلى الصفرة، وعيناها صغيرتان، وصوتها ناعم مسلوخ وكأنما يخرج من فتحة في ظهرها، ورائحتها كلون طرحتها، بيضاء ذلك الأبيض الشاحب الرمادي، ولكنه أحس بها كامرأة.
كيف أحس بهذا رغم طرحتها، والفرض الذي كانت من هنيهة تؤديه، رغم ابنها الأفطس الأنف الذي يحوم حوله ذباب خاص دائم والذي لا يمكن أن تصدق أن أمه امرأة.
كيف أحس بأم جاد كامرأة، ومن المسئول عنه، لا يعرف، وحين وجد شاش الطرحة من الشد والجذب ينزلق من فوق رأسها ثم يراها ويرى رأسها ووجهها بشعر وبلا طرحة، حين رأى هذا أحس أن كل شيء قد انتهى، وبدلا من أن يمسك بأذن البلاص مباشرة لف ذراعه، بلا خبث أو تدبر، بالغريزة، وراء رقبتها، وقبض على البلاص بقوة، فأصبحت هي، بقوة أيضا، في حضنه.
وحاولت أن تتملص قائلة: أوعى بقي نقضت وضوي يا شيخ.
ولكنه لم يفعل إلا أن شدد من التفاف ذراعه ليجبرها على السكوت التام، ولحظتها لم يكن يريد لها أو لنفسه أكثر من مجرد السكوت التام، والثبات، مجرد الثبات على هذا الموقف.
وكانت كلمتها التالية: لا لا، أنا في عرضك، الشيخ صديق زمانه جاي.
وقال لها بصوت مبحوح محشرج وكأنما مصدره صراخ داخلي ينبح منذ الأزل: هو فين؟
فقالت: زمانه بيصلي الضهر وجاي.
فقال: أمال وقتيه؟
فقالت: بعد العشاء.
نامعلوم صفحہ