ما أكفرني حين تصورت أني وحدي أقهر الشيطان، وحدك أنت لا شيء، وحدك أنت أضعف من دابة، وبالناس وبالله وبما فيك منه أنت الأقوى.
يا رب.
راجية ملتمسة دامعة أطلقتها.
الشيطان استولى على بصري، وعلى جسد «لي لي» سمره، وبكل قواه يجذب، ومن بصري يريد أن يخلع روحي من جذورها، أحس حقيقة بالجذور تتخلخل.
لم أكن أعرف أني بهذا الضعف.
يا رب.
يا سميعي ولا مجيب سواك، يا مدرك عجزي وأنت القوة، يا مانح العبد الإرادة، يا أنت الذي تعلم ما بي، رحماك، يا رب!
يا رب!
إن كان بصري قد ضاع فلا زلت أمتلك الصوت والحنجرة، بغير أن أسمع نفسي أستغيث وأترجى، أنا انتهيت، فقط ألهج، بكل قواي أعتصر العمر كله وأطلقه مخلصا صادقا، أرعبتني المفاجأة، وأذهلني ما اكتشفته في اللحظة الحاسمة من تفاهة ما كنت أسميه قوتي، بإيمان أصبح وجها لوجه في قبضة الشيطان، بإدراك أن هذه معركة العمر بها أوجد أو بها أمحى، انطلقت بصوتي أقاتل، الصوت سلاحي والصوت أنا والصوت كل ما تبقى في من ذاتي والصوت أملي الذي لا أمل سواه، أن أعود أنا.
ولم يعد أذانا ما أقوله، لم يعد الكلام المنغم المحفوظ، كنت أستغيث حقيقة وأعرف أن لا مغيث لي سواه، ومنه وحده ولما أعانيه أطلب الغوث.
نامعلوم صفحہ