بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
اصناف
إن لمسيحيي بيروت ثلاث كنائس، وأكثر هذه الكنائس رحابة وجلالا هي كنيسة الروم. لقد شيدت وكنيسة الموارنة في وقت واحد، على عهد أمراء الجبل الذين كانوا - رغم تظاهرهم بالإسلامية والدرزية - أكثر تسامحا من سواهم. إن كنيسة الروم في بيروت هي أجمل كنيسة مسيحية في أنحاء المملكة العثمانية.
انتقلت عدوى الأوروبيين - في الإكثار من تشييد الكنائس - إلى الكبوشيين، حتى إننا لا نجد نسبة بين عدد هؤلاء ووفرة كنائسهم، وهذه الخطة ابتدعها كبوشيو بريطانيا لتكون الصلوات والقداسات سهلة المتناول للمسيحيين الذين كانوا يقطنون - وحدهم آنذاك - بيروت وضواحيها في مستهل القرن السابع عشر. كان آباء الأرض المقدسة يملكون فيها قديما مأوى للفقراء، وكنيسة على اسم المخلص، وقد حازت هذه الكنيسة شهرة واسعة، حتى إن القديس أثاناثيوس جعلها موضوع إحدى مواعظه التبشيرية.
8
وعام 1455 حدثت على يد المتعبدين الذين يخدمون الكنيسة أعجوبة تمت بها شهرة قداسة هذا المأوى.
إن مؤلف كتاب «سوريا المقدسة» يجعل من مدينة بيروت قدسا صغيرة بسبب الصليب العجيب الذي كانت تملكه. إنه صنيع يدي نيكوميد، وقد اتصل بالإرث - كما يقول المؤلف - إلى جاماليل، ثم أرسل إلى بيروت قبل سقوط القدس بسنتين بين يدي تيت وفاسباسيان. ويقولون إنه لا يزال موجودا اليوم في مكان ما تحت الأرض في كنيسة المخلص التي أصبحت اليوم مسجدا.
9
ويضيف المؤلف قائلا: إن القديس أثاناثيوس اتخذ من هذا الصليب موضوع موعظة جميلة ألقاها في مجمع نيقية.
10
أوهل يعقل أن يكون المؤلفون قد خلطوا بين هاتين الأعجوبتين؟!
إن بيروت تتقدم باطراد وتوشك أن تعد بعد الإسكندرية وأزمير؛ لقد أنشئت فيها قنصليات لجميع الدول تقريبا، ومؤسسات تجارية، وفنادق، ومحلات مجهزة على أكمل وجه، وأخيرا ملاه فخمة لا مثيل لها إلا في الأساكل الخطيرة.
نامعلوم صفحہ