قامت أنطوانيت فأضاءت النور. ووضعت يديها في جيبي بنطلونها وهي تستدير وتتقدم مني. وقفت أمامي وثنت إحدى ركبتيها وأسندتها إلى حافة المقعد الذي كانت تحتله. ولحظت أن وجهها الشاحب قد تضرج قليلا.
قدمت إليها سيجارة فأخذتها، وأخرجت ولاعة ذهبية من جيبها قربتها مني. أشعلت سيجارتي وقلت: العناوين كثيرة، ولا بد من دمجها في التعليق. لا بد أن أعمل وأمامي اللقطات.
قالت: يمكنك أن تعمل على المافيولا.
قلت: لا. المشكلة أني لا أستطيع أن أعمل في أي مكان أو أي وقت. أليس لديك سيناريو؟
قالت: مجرد خطوط عامة؛ فكل شيء هنا.
وأشارت إلى رأسها.
قلت: ولا حتى قائمة باللقطات؟
قالت: عندي واحدة لن تنفعك؛ فهي عبارة عن أرقام ورموز. - لم يبق إذن غير أن أعد قائمتي بنفسي؛ أسجل مضمون اللقطات من المافيولا. - لكن الفيلم ستة فصول غير المقدمة. - سيكون الأمر مرهقا بالتأكيد وسيستغرق بعض الوقت. لكنه سيضعني داخل الفيلم تماما. فقط لدي شرط. - ما هو؟ - ألا يتعرض ما سأكتبه لأي تعديل إلا بموافقتي. أنا أدرك ما تمليه السينما من ضروريات، وسأحاول التلاؤم معها قدر الإمكان. لكني لن أقبل أي محاولة لتحريف ما سأكتبه لصالح جهة ما بالذات. - هذا حقك. متى يمكن أن تبدأ؟
تطلعت في ساعتي ثم قلت: الآن. نقوم بتجربة مع المقدمة.
ارتديت سترتي، وهبطنا إلى مكتبها. وتبعنا العارض حاملا العلب المعدنية المحتوية على الفيلم، فتعاونا في نقلها إلى غرفة المونتاج. وتولت أنطوانيت تثبيت شريطي الصوت والصورة بأصابع مدربة، ثم ناولتني بضع ورقات بيضاء وأطفأت النور بعد أن ارتدت نظارتها. وجذبت مقعدا إلى جوارها ثم أخرجت قلمي من جيبي.
نامعلوم صفحہ