قالت صاحبة الصوت برقة: وحياتك .. احكي مصري.
ضحكت وقلت: حاضر. - أنا لميا .. لميا الصباغ. - أهلا وسهلا. لقد اتصلت بك أكثر من مرة. - أعرف، لكني كنت في الضيعة، ثم انشغلت في ترميم الهدد. - آه! .. شيء فظيع. - لا يهم. هذه أمور أصبحت عادية هنا. أستاذ .. اليوم حكى معي زوجي من باريس. - ألن يأتي إلى بيروت؟ - لا أظن الآن .. المهم، حدث شيء سخيف؛ فقد أبلغني أن مخطوطة كتابك فقدت منه قبل أن يتمكن من قراءتها.
لزمت الصمت ولم أعلق بشيء.
قالت في تردد: آلو .. يا ترى لديك نسخة أخرى منها؟ - عندي. - هل تتكرم بإحضارها لي. - لترسليها إليه؟ - نعم. - كنت أريد الانتهاء من هذا الموضوع بسرعة. - إلى متى باقي ببيروت؟ - ربما أسبوع آخر. - إذن سنرى. متى أراك؟ - الوقت الذي يناسبك .. صباح الغد مثلا. في العاشرة؟ - أوكي. سأنتظرك. أنت تعرف أين تقع الدار؟
تساءلت مدهوشا: التي تحطمت ؟
ضحكت وقالت: الانفجار كان بالطابق الأرضي الذي يضم المخازن. أما المكاتب نفسها فلم يلحقها ضرر كبير. وقد رممناها وعادت كما كانت. - بهذه السرعة؟ سأعرف كيف أصل إليها.
قالت: في العاشرة إذن.
أعدت السماعة إلى مكانها، وأشعلت سيجارة. كان النهار ما زال في بدايته، لكني شعرت بالحاجة إلى قليل من الشراب، فأعددت لنفسي كأسا من الجين. وجلست أقلب في صفحات مجلد كبير عن وقائع الحرب الأهلية اللبنانية.
وقرب العصر اتصل بي وديع قائلا إنه سيتناول طعام الغداء مع أحد أصدقائه. وطلب مني أن أستخدم محتويات الثلاجة في إعداد طعامي.
أعددت قرصا من البيض المقلي وأكلته مع قليل من الزيتون والسلاطة، وأنا أتصفح إعلانا في صحيفة الأمس يدعو المواطنين العرب للانضمام إلى القوات المسلحة لليبيا «النواة الثورية للدولة العربية المتحدة»، لمواجهة «الانقضاض الوحشي الذي تتعرض له الأمة العربية من جانب الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية». واكتشفت بجوار الإعلان نبأ صغيرا عن اتساع حجم التدخل الليبي في تشاد إلى جانب رئيس الحكومة عويضي، ضد منافسه حبري الذي تدعمه الولايات المتحدة. وكانت هناك أيضا إشارة إلى افتتاحية لجريدة «الأهرام» القاهرية، تطالب أمريكا «باستعادة هيبتها ومواقعها، وتحمل مسئولياتها في حفظ السلام، ومواجهة العدوان، ووقف التوسع ورفض السيطرة وإرهاب الشعوب بالغزو والتدخل».
نامعلوم صفحہ